كما ويعتقد الإماميّة بوجوب عصمة ١ الانبياء عليهمالسلام ، ويستدلون على وجوبها بقولهم :
|
لوجاز ان يفعل النبي المعصية ، او يخطا وينسى ، وصدر منه شيء من هذا القبيل فاما ان يجب اتباعه في فعله الصادر منه عصياناً او خطاءً ، او لايجب ، فان وجب اتباعه فقد جوزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى ، بل اوجبنا ذلك ، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل ، وان لم يجب اتباعه ، فذلك ينافي النبوة التي لابد ان تقترن بوجوب الطاعة ابدا ، على ان كل شيء يقع منه من فعل او قول فنحن نحتمل فيه المعصية او الخطا ، فلايجب اتباعه في شيء من الاشياء ، فتذهب فائدة البعثة ، بل يصبح النبي كسائر الناس ليس لكلامه ولا لعمله تلك القيمة العالية التي يعتمد عليها دائماً ، كما لاتبقى طاعة حتمية لاوامره ولاثقةٌ مطلقةٌ باقواله وافعاله. ٢ |
ويذهب الإماميّة إلى اكثر من ذلك ، حيث يعتقدون بعصمة الانبياء حتى قبل بعثتهم ، والى هذا المعنى يشير السيد المرتضى مبيّناً وجه الخلاف بين الإماميّة وغيرهم من المذاهب الإسلاميّة في هذا المجال فيقول :
|
اختلف الناس في الانبياء عليهمالسلام ، فقالت الشيعة الإماميّة : لايجوز عليهم شيءٌ من المعاصي والذنوب كبيراً وصغيراً لاقبل النبوة ولابعدها ، بينما جوز اصحاب الحديث والحشوية على الانبياء الكبائر قبل النبوة ، ومنهم جوزها في حال النبوة سوى الكذب فيما يتعلق باداء الشريعة ، ومنعت المعتزلة من وقوع الكبائر والصغائر المستخفة من الانبياء عليهمالسلام : قبل النبوة وفي حالها ، وجوزت في الحالين وقوع مالايستخف من الصغائر ٣. |
وقد دافع الشيخ الطوسي في تفسيره عن عصمة الانبياء جميعاً دون استثناء ففي تفسيره قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) ٤ ذكر احتمالات اربعةً كان قد اوردها المفسرون للمراد من الذنب الذي ذكرته الآية الكريمة ، ثم جاء عليها لينسفها جميعاً دفاعاً عن الانبياء وايماناً منه بعصمتهم ، فقال
__________________
١. العصمة في التنزه عن الذنوب والمعاصي صغائرها. وكبائرها راجع عقائد الإماميّة للمظفر ، ص ٥٤.
٢. المرتضى ، تنزيه الانبياء ، ص ٣.
٣. نفس المصدر.
٤. الفتح ( ٤٨ ) الآية ٢.