٣. سلكَ المفسّرُ في تفسيره منهجاً ثنائيَّ الاتّجاهِ جمع فيه منهجَ التفسير بالرأي إلى جانب منهج التفسير بالأثر ، وبهذا يكون ُالشيخ الطوسي قد أقام التفسيرَ على دعامتي العقلِ والنقلِ بعد أن كان مستنداً إلى دِعامةِ النقلِ وحدَها.
٤. استطاع الشيخُ الطوسي من خلال تَطرُّقه إلى الأبواب المتعدِّدَةِ في تفسيره ، أن يحفظَ تُراثاً فكريّاً وثقافيّاً ولغويّاً ضخماً سواء عندَ مناقشتهِ لآراء أصحاب المذاهبِ الإسلاميّة أو آراء النحاة واللغويّين فيما يذهبون إليه.
٥. كان الشيخ الطوسي يتحلّى بروحٍ موضوعيّةٍ عاليةٍ ونزعةٍ علميّةٍ نزيهةٍ ، ويظهرُ ذلك جليّاً من خلال سرده لآراءِ من يختلف معهم من علماءِ المدارس الإسلاميّة وأصحاب المذاهب والمقالات وذلك أثناء مناقشته لهم وردوده عليهم بعيداً عن كلّ تعصّبٍ ذميمٍ أو تحجّر ممقوت ، حيث كان يقبل من آراء الآخرين ما يراه صحيحاً ، بينما يرفضُ أو يُضعّف مالاينسجم والمنهج العلمي الذي آمن به ، وإن كان من المرويّات المنسوبة إلى أئمّة أهلِ البيت عليهمالسلام وبهذا يكون الطوسي عالماً باحثاً عن الحقيقةِ مؤمناً بها رافضاً لما سواها بغضِّ النظر عن كلّ اعتبارٍ آخر.
ولهذا فقد جاءت دراستي هذه محاولةً منّي للكشف عن جوانب العَظمةِ في شخصيّةِ الشيخ الطوسي وآثارِه العظيمةِ التي يشكّل التبيانُ أحدَ دعائمها.
وقد تناولت في هذه الدراسةَ ثلاثة أبوابٍ وخاتمةٍ :
ففي البابِ الأوّلِ تحدّثتُ بفصلين عن حياةِ الشيخ الطوسي وبيئته وعصره مبيِّناً ثقافَتهُ وهجراتهُ ومراحلَ دراستهِ وشيوخَهُ وتلاميذَهُ وتأليفَهُ شارحاً بالتفصيلِ الظروفَ السياسيّةَ والفِتنَ الطائفيّة التي عصفتْ به في بغدادَ ومن ثمّ هجرتَهُ إلى مدينةِ النجفِ الأشرف وإنشاءَهُ لمدرستهِ الجديدةِ فيها.
وفي الباب الثاني قسّمتُ الحديث إلى فصول أربعةٍ :
الفصل الأوّل ، أَجملْتُ فيه البحثَ حولَ نشأةِ التفسيرِ وتطوّر مناهجِهِ ، ثمّ أردفتُهُ بوصفٍ مُجْملٍ عن التبيان.
أمّا الفصلُ الثاني ، فقد تكلّمت فيه عن الجانبِ العقلي في التبيان ، وبيّنتُ منهجَ المفسّرِ