غرونا وكذبونا وخذلونا ، أنت ربّنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير (١).
ثم قال عليهالسلام : أين عمر بن سعد لعنه الله؟ فجاء إليه فقال : يا عمر ، أنت تقتلني وتزعم أنّه يوليك الدعي بن الدعي بلاد الري وجرجان؟! والله لا تتهنأ بذلك أبداً ، عهد معهود ، فاصنع ما أنت صانع ، فأنت لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، وكأنّي برأسك على قصبة قد نصبت بالكوفة يتراماه الصبيان ، ويتخذونه غرضاً بينهم.
فاغتاض اللعين من كلام الحسين عليهالسلام ثم صرف بوجهه عنه ونادى بأصحابه : ما تنتظرون ، احملوا بأجمعكم إنما هي أكلة واحدة (٢) ، ثم أخذ سهماً ووضعه في كبد القوس ورمى به نحو مخيّم الحسين ، وقال : اشهدوا لي عند الأمير ابن زياد ـ لعنه الله ـ فإني أول من رمى الحسين (٣) ، ثم رمى العسكر كلّه.
قال الراوي : فما بقي من أصحاب الحسين أحد ، إلّا وأصابه سهم أو سهمين ، من تلك السهام (٤) فقال الحسين عليهالسلام لأصحابه ، قوموا رحمكم الله الى الموت الذي لابدّ منه ، فإنّ هذه السهام رسل القوم إليكم (٥).
قال فحملوا أصحاب الحسين حملة واحدة ، وجعلوا يقاتلون حتى اقتتلوا ساعة من النهار. قال الراوي : فقتل من أصحاب الحسين عليهالسلام خمسين رجلاً. قال : ثم أمر أصحابه أن يحملوا على القوم واحداً بعد واحد ، وكان الرجل منهم إذا أراد البراز يستأذن الحسين عليهالسلام فيأذن له ، ثم يقول : السلام عليك يا أبا عبدالله ، فيقول الحسين : وعليك السلام ، ثم يحمل على القوم حتى أن عابس بن شبيث
__________________
(١) الملهوف على قتلى الطفوف : ١٥٧.
(٢) الإيقاد : ١٠٥.
(٣) مثير الأحزان لابن نما : ٥٦.
(٤) تظّلم الزهراء : ١٥٨.
(٥) نفس المهموم للشيخ عباس القمي : ٢٥٠.