الإيضاح
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) أي ليس من شأن المؤمن ولا من خلقه أن يقتل أحدا من المؤمنين ، إذ الإيمان وهو صاحب السلطان على النفس والحاكم على الإرادة والمصرّف لها يمنعه أن يجترح هذه الكبيرة عمدا ، لكنه قد يفعل ذلك خطأ (والخطأ ما لا يقارنه قصد إلى الفعل أو الشخص أو لا يقصد به زهوق الروح غالبا).
ذلك أنه لا يكمل إيمان المؤمن إلا إذا شعر بحقوق الإيمان عليه وهى حقوق لله وحقوق للعباد ؛ ومن الثانية القصاص لما فى ذلك من الزجر عن القتل ، ولما فى تركه من الاستهزاء بحقوق الدماء ، ومن استهزأ بها كان قد انتهك أكبر حق من حقوق الأمة ، وهدّ ركنا من أركان الإيمان ، يرشد إلى ذلك قوله «مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً».
وسبب العقوبة على الفعل الخطأ كالقتل أن الخطأ لا يخلو من التهاون وعدم العناية ومثله النسيان ، إذ من شأنهما أن يعاقب الله عليهما ، ومن ثم أمرنا الله تعالى أن ندعوه ألا يؤاخذنا عليهما بقوله «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا» كما ثبت بنص القرآن أن آدم نسى وسمى مخالفته معصية وعوقب عليها لكن
ورد فى السنة قوله صلى الله عليه وسلم «وضع الله عن هذه الأمة ثلاثا : الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه» رواه ابن ماجه.
(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) تحرير الرقبة عتقها من الرقّ : أي ومن قتل مؤمنا خطأ بأن أراد رمى صيد أو غرض فأصاب مؤمنا ، أو ضربه بما لا يقتل عادة كأن صفعه باليد أو ضربه بعصا فمات وهو لم يكن يقصد قتله ، فعليه عتق رقبة من أهل الإيمان ، لأنه لما أعدم نفسا مؤمنة كان كفارته أن يوجد نفسا (والعتق كالإيجاد من العدم).
(وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) الدية : هى المال الواجب بالجناية على الحر فى النفس أو فيما دونها ويعطى إلى ورثة المقتول عوضا عن دمه : أي وعليه من الجزاء مع عتق الرقبة دية