إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ، وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ، رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً)».
والخلاصة ـ إن العبرة بما فى نفس الولد من قصد البر والإحسان والإخلاص فيه ، بشرط ألا يحدّ الوالدان من حرية الولد واستقلاله فى شئونه الشخصية أو المنزلية ولا فى الأعمال الخاصة بدينه ووطنه ، فإذا أراد أحدهما الاستبداد فى شىء من ذلك ، فليس من البر العمل برأيهما اتباعا لهواهما.
(وَبِذِي الْقُرْبى) أي وأحسنوا معاملة أقرب الناس إليكم بعد الوالدين ، وإذا أدى المرء حقوق الله فصحت عقيدته وصلحت أعماله ، وقام بحقوق الوالدين ، صلح البيت وحسن حال الأسرة ، وإذا صلح البيت كان قوة كبيرة ، فإذا عاون أهله ذوى القربى الذين ينسبون إليهم كان لكل منهم قوة أخرى تتعاون مع هذه الأسرة ، وبذا تتعاون الأمة جمعاء ، وتمدّ يد المعونة لمن هو فى حاجة إليها ممن ذكروا بعد فى قوله :
(وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) لأن اليتيم قد فقد الناصر والمعين وهو الأب ، وقلّما تستطيع الأم مهما اتسعت معارفها أن تقوم بتربيته تربية كاملة ، فعلى القادرين أن يعاونوا فى تربيته ، وإلا كان وجوده جناية على الأمة لجهله وفساد أخلاقه وكان خطرا على من يعاشرهم من لداته وجرثومة فساد بينهم.
وكذلك المساكين لا ينتظم حال المجتمع إلا بالعناية بهم وصلاح حالهم ، وإلا كانوا وبالا عليه.
وهم ضربان : مسكين معذور تجب مواساته ، وهو من كان سبب عدمه الضعف والعجز أو نزول آفات سماوية ذهبت بماله ، ومثل هذا يجب عونه بمساعدته بالمال الذي يسدّ عوزه ويستعين به على الكسب.