الأولى والثانية ، وهؤلاء الأغنياء منهم من يصيبه دوار شديد يتعذر معه الاغتسال ، أو خفيف يشق معه الاغتسال ولا يتعذر ، فإذا كانت هذه السفن التي يوجد فيها الماء على هذه الحال يتعسر فيها الاغتسال أو يتعذر فكيف يكون الاغتسال فى قطر السكك الحديدية أو فى قوافل الجمال والبغال؟.
روى أن هذه الآية نزلت فى بعض أسفار النبي صلى الله عليه وسلم وقد انقطع عقد لعائشة ، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم يلتمسه والناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فلما نزلت وصلّوا بالتيمم جاء أسيد بن الحضير إلى مضرب عائشة فجعل يقول : ما أكثر بركتكم يا آل أبى بكر! ، وفى رواية : يرحمك الله يا عائشة ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله تعالى فيه للمسلمين فرجا.
ثم ذكر منشأ السهولة واليسر فقال :
(إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) العفو هنا التيسير والسهولة ، ومنه قوله تعالى «خُذِ الْعَفْوَ» وقوله صلى الله عليه وسلم «قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق» أي أسقطتها تيسيرا عليكم ، ومن عفوه وتسهيله أن أسقط فى حال المرض والسفر وجوب الوضوء والغسل.
وفى ذلك إيماء إلى أن ما كان من الخطأ فى صلاة السكارى كقولهم : قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون ـ مغفور لهم لا يؤاخذون عليه.
قال السيد حسن صديق خان فى شرحه لـ [لروضة الندية] : قد كثر الاختباط فى تفسير هذه الآية : وإن كنتم مرضى أو على سفر إلخ ، والحق أن قيد عدم وجود الماء راجع إلى قوله (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) فتكون الأعذار ثلاثة : السفر والمرض وعدم وجود الماء فى الحضر ، وهذا ظاهر على قول من يقول : إن القيد إذا وقع بعد جمل متصلة كان قيدا لآخرها ، وأما على قول من يقول إنه يكون قيدا للجميع إلا أن يمنع مانع فكذلك أيضا لأنه قد وجد المانع هنا من تقييد السفر والمرض بعدم وجود الماء ـ وهو أن كل واحد منهما عذر مستقل فى غير هذا الباب