نافذ لا محالة ، ومن هذا ما أوعدتم به ، قال ابن عباس : يريد لا رادّ لحكمه ولا ناقض لأمره ، فلا يتعذر عليه شىء يريد أن يفعله ، كما تقول فى الشيء الذي لا شك فى حصوله : هذا الأمر مفعول وإن لم يفعل بعد.
والخلاصة ـ إنه يقول لهم : أنتم تعلمون أن وعيد الله للأمم السالفة قد وقع ولا محالة ، فاحترسوا وكونوا على حذر من وعيده لكم.
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (٤٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٤٩) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥٠))
تفسير المفردات
يقال افترى فلان الكذب إذا اعتمله واختلقه ، وأصله من الفري بمعنى القطع ، وتزكية النفس مدحها ، قال تعالى «فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى» والظلم النقص ، والفتيل : ما يكون فى شق نواة التمر مثل الخيط ، وبه يضرب المثل فى الشيء الحقير كما يضرب بمثقال الذرة ، قال الراغب : الإثم والآثام اسم للأفعال المبطّئة عن الثواب : أي عن الخيرات التي يثاب المرء عليها ، وقد يطلق الإثم على ما كان ضارّا.
المعنى الجملي
بعد أن هدد سبحانه اليهود على الكفر وتوعدهم عليه بأشد الوعيد كطمس الوجوه والرد على الأدبار ، ثم بين أن ذلك الوعيد واقع لا محالة بقوله : وكان أمر الله مفعولا.
ذكر هنا أن هذا الوعيد وشديد التهديد إنما هو لجريمة الكفر ، فأما سائر الذنوب سواه فالله قد يغفرها ويتجاوز عن زلاتها.