وما مثل مراقبة أولئك الحفظة إلا مثل : / (مراقبة رجال البوليس السرى فى حكومات العصر الحديث).
روى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال فى الآية : الملوك يتخذون الحرس يحفظونهم من أمامهم ومن خلفهم وعن يمينهم وعن شمالهم ، يحفظونهم من القتل ، ألم تسمع أن الله تعالى يقول «وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ» لم يغن الحرس عنهم شيئا.
وفى معنى الآية قوله «سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ. لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ».
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعا «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، يجتمعون فى صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادى؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون».
والحكمة فى كتابة الأعمال وحفظها على العالمين أن المكلف إذا علم أن أعماله تحفظ عليه وتعرض على رءوس الأشهاد كان ذلك أزجر له عن الفواحش والمنكرات وأبعث له على عمل الصالحات ، فإن المرء إن لم يصل إلى مقام العلم الراسخ الذي يثمر الخشية لله والمعرفة الكاملة التي تثمر الحياء ، ربما غلب عليه الغرور بالكرم الإلهى والرجاء فى المغفرة والرحمة فلا يكون لديه من الخشية والحياء ، ما يزجره عن المعصية ، كما يزجره توقع الفضيحة فى موقف الحساب على أعين الخلائق وأسماعهم ، كما قال تعالى «وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً ، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً».
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) أي يرسل عليكم