ذلك الطعام من الصيام ، روى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال : إذا قتل المحرم شيئا من الصيد فعليه فيه الجزاء ، فإن قتل ظبيا أو نحوه فعليه ذبح شاة تذبح بمكة ، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، فإن قتل أيّلا (من بقر الوحش) فعليه بقرة ، فإن لم يجدها صام عشرين يوما ، وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحو ذلك فعليه بدنة من الإبل ، فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا فإن لم يجد صام ثلاثين يوما والطعام مدّ مدّ يشبعهم.
(لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) أي أوجبنا ما أوجبنا من الجزاء أو الكفارة كى يذوق وبال أمره ، أي سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام إما بدفع الغرم وإما بالعمل ببدنه بما يتعبه ويشق عليه.
(عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) لكم من الصيد فى حال الإحرام قبل أن تراجعوا رسول الله صلى الله عليه وتسألوه عن جوازه.
(وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) أي ومن عاد إلى قتل الصيد وهو محرم بعد ورود النهى فإن الله ينتقم ممن أصر على الذنب ، فهو ينكل به ويبالغ فى عقوبته وله العزة والمنعة.
(وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) أي والله غالب على أمره فلا يغلبه العاصي ، ذو انتقام ومبالغة فى العقوبة ممن أصرّ على الذنب.
والآية صريحة فى أن الجزاء الدنيوي إنما يمنع عقاب الآخرة إذا لم يتكرر الذنب ، فإن تكرر استحق صاحبه الجزاء فى الدنيا والعقاب فى الآخرة.
(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ) أي وأحل لكم ما صيد من البحر ثم مات وما قذفه البحر ميتا ، وروى هذا عن ابن عباس وابن عمر وقتادة.
والخلاصة ـ إن المراد بطعامه عندهم ما لا عمل للإنسان فيه ولا كلفة فى اصطياده كالذى يطفو على وجهه والذي يقذف به إلى الساحل والذي ينحسر عنه الماء وقت الجزر ، ولا فرق بين حيه وميته.