أنت بصاحب هذا الحق حتى تجرى فيه على صراط العدل ، فإن عملهم هو عبادة الله وحده ، فحسابهم وجزاؤهم عليه كما قال نوح عليه السلام : «إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ».
والخلاصة ـ إن هذه الآية الكريمة أفادت :
(١) أن الرسول لا يملك التصرف فى الكون.
(٢) أنه لا يعلم الغيب.
(٣) أنه ليس بملك.
(٤) أنه لا يملك حساب المؤمنين ولا جزاءهم.
ثم بين أن مقال المشركين فى شأن المستضعفين ابتلاء من الله وفتنة فقال :
(وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) أي ومثل ذلك الفتن أي الابتلاء والاختبار ، فتنا بعضهم ببعض : أي جعلنا بحسب سنتنا فى غرائز البشر وأخلاقهم ـ بعضهم فتنة لبعض تظهر به حقيقة حاله ، كما يظهر للصائغ حقيقة الذهب والفضة بفتنتهما بالنار.
(لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا؟) أي لتكون العاقبة أن يقول المفتونون من الأقوياء فى شأن الضعفاء من المؤمنين : أهؤلاء الصعاليك من العبيد والموالي والفقراء والمساكين خصهم الله بهذه النعمة العظيمة من جملتنا أو من مجموعنا؟.
والخلاصة ـ إن ذلك لن يكون ، لأنهم هم المفضّلون عند الله بما آتاهم من غنى وثروة وجاه وقوة ، فلو كان هذا الدين خيرا لمنحهم إياه دون هؤلاء الضعفاء كما أعطاهم من قبل الجاه والثروة ، وقد حكى الله عنهم مثل هذا بقوله : «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ».
ثم رد عليهم مقالتهم الدالة على العتوّ والاستكبار بقوله :
(أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) أي إن المستحقّ لمنّ الله وزيادة نعمه إنما هو من يقدّرها قدرها ، ويعرف حق المنعم بها فيشكره عليها ، لا من سبق الإنعام عليه فكفر وبطر وعتا واستكبر.