كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» ويبعثكم : يوقظكم من النوم ، ويقضى : ينفذ ، والأجل المسمى : هو مدة بقائه فى الدنيا. والحفظة : هم الكرام الكاتبون من الملائكة «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ».
المعنى الجملي
بعد أن أمر عز اسمه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين للمشركين أنه على بينة من ربه فيما بلغهم إياه من رسالته ، وأن ما يستعجلونه عذاب الله تعجيزا أو تهكما ليس عنده ، وإنما هو عند الله ، وقد قضت سنته أن يجعل لكل شىء أجلا وموعدا لا يتقدم ولا يتأخر ، وأن الله تعالى هو الذي يقضى الحق ويقصه على رسوله ـ ذكر هنا أن مفاتح الغيب عنده وأن التصرف فى الخلق بيده ، وأنه هو القاهر فوق عباده لا يشاركه أحد من رسله ولا من سواهم فى ذلك.
الإيضاح
(وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) أي إن خزائن الغيب عند الله وهو المتصرف فيها وحده ، وكذلك المفاتيح أي الوسائل التي يتوصل بها إلى علم الغيب هى عنده أيضا لا يعلمها علما ذاتيا إلا هو ، فهو الذي يحيط بها علما وسواه جاهل بذاته لا يعلم منها شيئا إلا بإعلامه عز وعلا ، فعلينا أن نفوض إليه إنجازه وعده لرسله بالنصر ، ووعيده لأعدائه بالعذاب والقهر ، وأن نجزم بأنه لا يخلف وعده رسله وإنما يؤخر تنفيذه إلى الأجل الذي اقتضته حكمته.
روى البخاري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «مفاتيح الغيب خمس» : «إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ».
وما حكاه الله عن عيسى عليه السلام من قوله : «وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ» وما قاله يوسف عليه السلام لصاحبى السجن «لا يَأْتِيكُما»