أمر المؤمنين بأن يهتموا بإصلاح أنفسهم بالعلم النافع والعمل الصالح ، وأبان لهم أنهم إذا أصلحوا أنفسهم ، وقاموا بما أوجب الله عليهم من علم وعمل وتعليم وإرشاد فلا يضيرهم بعد ذلك ضلال من ضل وحاد عن الصراط السوي ، وسار سادرا فى غلواء الجهل والتقليد ، وتنكب عن جادة الحق.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) أي احفظوا أنفسكم من المعاصي ، وانظروا فيما يقرّبها من ربها ، ويخلّصها من عقابه ، ولا يضرّكم ضلال غيركم إذا أنتم اهتديتم «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى».
(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي إليه وحده رجوعكم ورجوع من ضل عما اهتديتم إليه فينبئكم عند الحساب بما كنتم تعملون فى الدنيا ويجزيكم به.
روى ابن كثير «أن أبا بكر قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) وإنكم تضعونها على غير موضعها ، وإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقاب».
وروى الترمذي عن أبي أمية الشيباني قال : «أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت ما تصنع فى هذه الآية؟ قال أيّة آية؟ قلت قول الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحّا مطاعا ، وهوى متّبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذى رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوامّ ، فإن من ورائكم أياما الصابر فيهن مثل القابض على الجمر ، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم».