فبهداهم دون ما يخالفه من أعمال غيرهم ، اقتد أيها الرسول فيما يتناوله كسبك وعملك مما بعثت به من تبليغ الدعوة وإقامة الحجة والصبر على التكذيب والجحود وإيذاء أهل العناد ومقلدى الآباء والأجداد وإعطاء كل حال حقها من مكارم الأخلاق وأحاسن الأعمال ، كالصبر والشكر والشجاعة والحلم والزهد والسخاء والحكم بالعدل قال تعالى : «وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ» وقال : «وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ».
والخلاصة ـ إن الله تعالى أمره بالاقتداء بهم فى الأخلاق الحميدة والصفات الرفيعة من الصبر على أذى السفهاء والعفو عنهم ـ وقد كان مهتديا بهداهم كلهم فكانت مناقبه وفضائله الكسبية أعلى من مناقبهم وفضائلهم ، لأنه اقتدى بها كلها فاجتمع له من الكمال ما كان متفرقا فيهم ـ إلى ما أوتيه دونهم ، ومن ثم شهد له ربه بما لم يشهد به لأحد منهم فقال «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».
وكذلك فضائله الموهوبة هى فيه أظهر وأعظم ، فبعثته عامة للناس أسودهم وأحمرهم وبه ختمت النبوة والرسالة ، وكمال الأشياء فى خواتيمها صلوات الله عليهم أجمعين.
(تنبيه) ذكر بعض العلماء أن الأنبياء المرسلين الذين ذكروا فى القرآن ويجب الإيمان بهم تفصيلا خمسة وعشرون هم الثمانية عشر الذين ذكرت أسماؤهم فى هذه الآيات ، والسبعة الآخرون هم آدم أبو البشر وإدريس ولوط وصالح وشعيب وخاتم الجميع محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام.
وليس فى القرآن نص قطعى صريح فى رسالة آدم عليه السلام ، بل مفهوم قوله : «إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ» أن نوحا أول نبى مرسل أوحى الله إليه رسالته وشرعه ، وكذلك حديث الشفاعة. عن أنس بن مالك قال :