فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ، وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ».
ثم بين أنهم يحنثون فى أيمانهم بعد النجاة ، ويشركون بربهم سواه ، فقال :
(قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) أي إن الله هو الذي ينجيكم المرة بعد المرة من تلك الظلمات ومن كل كرب يعرض لكم ، ثم أنتم تشركون به غيره بعد النجاة أقبح الشرك ، حال كونكم مخلفى وعدكم له بالشكر حانثين بما وكدتموه من الأيمان.
وأظهر أنواع الشرك أنكم تدعون أولياء من دون الله وتنسبون إليهم الشفاعة عنده ، حتى هذه النجاة التي نجّاكموها.
والخلاصة ـ إنه إذا شهدت الفطرة السليمة بأنه لا ملجأ فى هذه الحالة إلا إلى الله ولا تعويل إلا على فضله ، فالواجب أن يبقى هذا الإخلاص فى جميع الأحوال والأوقات ، لكن الإنسان بعد الفوز بالسلامة والنجاة يحيل ذلك إلى الأعمال الجسمانية أو إلى نحو ذلك من الأسباب ويعود إلى الشرك فى العبادة ولا يوفّى بالعهد.
وفى الآية تنبيه إلى أن من أشرك فى عبادته تعالى غيره فكأنه لم يعبده رأسا ، فالتوحيد ملاك الأمر وأساس العبادة.
(قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧))