«فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج» فهو من باب التمثيل على حد قوله : «خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ» والدليل على ذلك قوله بعد : «فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم بزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا» فإنه لا شك أن المراد منه ـ لا تحاولوا تقويم النساء بالشدة والغلظة فى المعاملة.
(فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما) أي فكلا من ثمارها من أي مكان أردتما.
(وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) النهى عن قرب الشيء أبلغ أثرا من النهى عن الشيء نفسه ، إذ أنه يقتضى البعد عن موارد الشبهات التي تغرى به كما جاء فى الحديث : «ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه».
وقد أبهم سبحانه هذه الشجرة ، ولو كان فى تعيينها خير لنا لعيّنها ، وقد علل القرآن النهى عنها ، بأنهما إذا اقتربا منها كانا من الظالمين لأنفسهما بفعلهما ما يعاقبان عليه ولو بالحرمان من رغد العيش وما يعقبه من التعب والمشقة.
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) أي زين لهما ما يضرهما ويسوءهما إذا هما رأيا ما يؤثران ستره وألا يرى مكشوفا ، والأرجح أن هذه الوسوسة كانت بأن تمثل الشيطان لآدم وزوجه وكلمهما.
(وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) أي وقال لهما فيم وسوس به : ما نهاكما ربكما عن الأكل من هذه الشجرة إلا لأحد أمرين كراهة أن تكونا بالأكل منها كالملكين فيما أوتى الملائكة من الخصائص والمزايا : كالقوة وطول البقاء وعدم التأثر بتأثيرات الكون المؤلمة المتعبة ، أو كراهة أن تكونا من الخالدين فى الجنة ، أي الذين لا يموتون البتة.
والخلاصة ـ إنه أوهمهما أن الأكل من هذه الشجرة إما أن يعطى الآكل صفات الملائكة وغرائزهم ، أو يقتضى الخلود فى الحياة.
وفى الآية إيماء إلى تفضيل الملائكة على آدم ، وخصصه بعضهم بملائكة السماء