«لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه؟» وروى الحاكم وابن ماجه حديث شدّاد بن أوس مرفوعا : «الكيّس من دان ـ حاسب ـ نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى».
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ) الوزن عمل يراد به تعرف مقدار الشيء بالميزان والقسطاس وقد يطلق كل من الميزان والقسطاس على العدل كقوله : «اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ» وقوله فى الرسل : «وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ».
أي والوزن فى ذلك اليوم الذي يسأل الله فيه الرسل والأمم ، ويقص عليهم كل ما كان منهم ـ هو الحق أي الذي تعرف به حقائق الأمور وما يستحقه كل أحد من ثواب وعقاب.
(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي فمن رجحت موازين أعماله بالإيمان وكثرة الحسنات ؛ فأولئك هم الفائزون بالنجاة من العذاب ، والحائزون للنعيم فى دار الثواب.
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) أي ومن خفت موازين أعماله بسبب كفره وكثرة ما اجترح من السيئات ، فأولئك الذين خسروا أنفسهم ، إذ حرموها السعادة التي كانت مستعدة لها لو لم يفسدوا فطرتها بالكفر والمعاصي وإصرارهم على ذلك إلى نهاية أعمارهم.
والخلاصة ـ إن المؤمنين على تفاوت درجاتهم فى الأعمال هم المفلحون ، فمن مات مؤمنا فهو مفلح وإن عذّب على بعض ذنوبه بمقدارها ، وإن الكافرين على تفاوت دركاتهم هم فى خسران عظيم.
وهناك فريق ثالث استوت حسناتهم وسيئاتهم وهم أصحاب الأعراف وسيأتى ذكرهم بعد.