وجاء فى حديث البخاري مرفوعا«فانتدب لها رجل ذو عزه ومنعة فى قومه كأبى زمعة» لأنهم لما اتفقوا عليه ورضوا به صاروا كأنهم فعلوه جميعا.
وفى ذلك تهويل وتفظيع لأمرهم ، وأن أضراره ستصيبهم جميعا ، ومثل هذا من الأعمال ينسب إلى الأمة فى جملتها ، وتعاقب عليه جميعها كما قال : «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً».
(وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) أي وتمردوا وتجبروا عن اتباع الحق الذي بلّغهم صالح إياه ، وهو ما سلف ذكره.
روى أحمد والحاكم عن جابر قال : «لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال : لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح ، وكانت الناقة ترد من هذا الفجّ وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم ، وكانت تشرب يوما ويشربون لبنها يوما ، فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان فى حرم الله ـ وهو أبو رغال ـ فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه».
(وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) الوعد يكون فى الخير والشر أي قالوا له : ائتنا بما وعدتنا به من عذاب الله ونقمته ، إن كنت رسولا إلينا ، وتدّعى أن وعيدك تبليغ عنه ، فالله ينصر رسله على أعدائه ، فعجّل ذلك لنا.
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) وفى سورة هود «فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ» وفى سورة حم السجدة «فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ» وفى سورة الذاريات «فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ» والمراد بالجميع الصاعقة ، فإن لنزولها صيحة شديدة القوة ترجف من هولها الأفئدة وتضطرب الأعصاب ، وربما اضطربت الأرض وتصدع ما فيها من بنيان.
وقد علم أن سبب حدوثها اتصال كهربائية الأرض بكهربائية الجو التي يحملها