قورا ، وهناك كانت مملكة أشور ، ثم أسكنه إبراهيم شرقى الأردن لجودة مراعيها ، وكان فى ذلك المكان المسمى بعمق السديم بقرب البحر الميت أو بحر لوط ، قرى خمس ، سكن لوط فى إحداها المسماة بسدوم ، وكانت تعمل الخبائث ولا يوجد الآن ما يدل على موضعها بالتحديد ، وبعض الناس يقول : إن البحر قد غمرها ولا دليل لهم على ذلك.
الإيضاح
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ؟) أي واذكر لوطا حين قال لقومه موبّخا لهم : أتفعلون تلك الفعلة التي بلغت الغاية فى القبح والفحش.
(ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) أي ما عملها أحد قبلكم فى أي زمان ، بل هى من مبتدعاتكم فى الفساد ، فأنتم فيها أسوة وقدوة ، فتبوءون بإثمها وإثم من اتبعكم فيها إلى يوم القيامة.
وفى هذا بيان لأن ما اجترحوه من السيئات مخالف لمقتضيات الفطرة ، ومن ثم لم تتطلع إليه نفوس أحد من البشر قبلهم ، إلى ما فيه من مخالفة لهدى الدين.
(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) يراد بالإتيان الاستمتاع الذي عهد بمقتضى الفطرة بين الزوجين ، وداعيته الشهوة وقصد النسل.
وقد سجل عليهم هنا أنهم يبتغون الشهوة وحدها ، فهم أخس من سائر أفراد الحيوان ، لأن الذكور منها تطلب الإناث بدافع الشهوة والنسل الذي يحفظ النوع ، ألا ترى أن الطيور والحشرات تبدأ حياتها الزوجية ببناء الأعشاش فى أعلى الأشجار أو الوكن فى قلل الجبال أو الأحجار فى باطن الأرضين ، ولكن هؤلاء المجرمين لا غرض لهم إلا إرضاء شهواتهم ، ومن يقصد اللذة وحدها دون النسل أسرف فيها وانقلب نفعها ضرا وصار خيرها شرا.
وفى هذا مزيد تقريع وتوبيخ لهم كأن ذلك لا ينبغى أن يصدر من أحد.