الإيضاح
(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) أي قل أيها الرسول لهؤلاء الذين يتبعون أهواءهم فيما يحللون وما يحرمون لأنفسهم وللناس : أقبلوا إلىّ أيها القوم أقرأ لكم ما حرم ربكم عليكم فيما أوحاه إلىّ ، وهو وحده الذي له حق التحريم والتشريع ، وأنا مبلغ عنه بإذنه وقد أرسلنى بذلك.
وخص التحريم بالذكر مع أن الوصايا أعم ؛ لأن بيان المحرمات يستلزم حل ما عداها ، وقد بدأها بأكبر المحرمات وأعظمها وأشدها إفسادا للعقل والفطرة ، وهو الشرك بالله ، سواء أكان باتخاذ الأنداد له أو الشفعاء المؤثّرين فى إرادته ، أو بما يذكّر بهم من صور وتماثيل وأصنام وقبور ، أو باتخاذ الأرباب الذين يتحكمون فى التشريع فيحللون ويحرمون فقال :
(١) (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) أي ومما أتلوه عليكم فى بيان هذه المحرمات وما يقابلها من الواجبات ـ ألا تشركوا بالله شيئا من الأشياء وإن عظمت فى الخلق كالشمس والقمر والكواكب ، أو فى القدر كالملائكة والنبيين والصالحين ، فإن عظمتها لا تخرجها عن كونها مخلوقة لله ، مسخّرة له بقدرته وإرادته : «إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً».
ويلزم هذا أن تعبدوه وحده بما شرعه لكم على لسان رسوله لا بأهوائكم ولا بأهواء أحد من الخلق أمثالكم.
(٢) (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أي وأحسنوا بالوالدين إحسانا تاما كاملا لا تدخرون فيه وسعا ، ولا تألون فيه جهدا ، وهذا يستلزم ترك الإساءة وإن صغرت ، فما بالك بالعقوق الذي هو من أكبر الكبائر وأعظم الآثام ، وقد جاء فى القرآن غير مرة قرن التوحيد والنهى عن الشرك بالأمر بالإحسان إلى الوالدين.
وكفى دلالة على عظيم عناية الشارع بأمر الوالدين أن قرنه بعبادته وجعله