يباح للمضطر بأن يتجاوز فيه حد الضرورة كما بينه الله بقوله : «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» وهذه الجملة من جوامع الكلم والأصول العامة فى تحريم الآثام ، ومن ثم قال ابن الأنبارى : المراد بذلك ترك الإثم من جميع جهاته كما تقول ما أخذت من هذا المال لا قليلا ولا كثيرا تريد ما أخذت منه بوجه من الوجوه.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) أي إن الذين يكسبون نوعا من الآثام الظاهرة أو الباطنة سيلقون جزاء إنهم وعاقبة كسبهم للذنوب التي أفسدت فطرتهم ودست نفوسهم بإصرارهم عليها ومعاودتها المرة بعد المرة.
أما الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون ، فهؤلاء يتوب الله عليهم ويمحو تأثير الإثم فى قلوبهم ، بما يفعلونه من الحسنات كما قال تعالى : «إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ» وبذلك تعود نفوسهم زكية وتلقى ربها سليمة نقية من أدران السوء التي كانت قد وقعت منها لما ما.
واتفق المسلمون على أن التوبة تمحو الحوبة : أي أن التوبة الصحيحة بالعزم الصادق والندم على مافات تمحو آثار الذنب الماضي ، فإن الله قد يعفو عن المذنب فيغفر له ما فرط منه من الذنوب كما قال : «إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ».
ثم صرح سبحانه بالنهى عن ضد ما فهم من الأمر السابق وهو قوله : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) لشدة العناية به لأنه من أظهر أعمال الشرك فقال :
(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) أي ولا تأكلوا أيها المؤمنون مما مات فلم تذبحوه ، ولا ما أهل لغير الله به مما ذبحه المشركون لأوثانهم فإن أكل ذلك فسق ومعصية كما جاء فى الآية الأخرى «أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ».
[تنبيه] : قال مالك : كل ما ذبح ولم يذكر اسم الله تعالى عليه فهو حرام ، ترك لذكر