ذكر هنا الآية الكبرى ، وهى القرآن الكريم فهو أقوى الأدلة على رسالة نبيه من جميع ما اقترحوا ، هو الذي يجب الرجوع إليه فى أمر الرسالة واتباع حكمه فيها ، دون أولئك الضالين المبطلين ، من شياطين الإنس والجن.
الإيضاح
(أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) أي ليس لى أن أتعدى حكم الله ولا أن أتجاوزه ؛ لأنه لا حكم أعدل من حكمه ، ولا قائل أصدق منه ، وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ، فيه كل ما يصح به الحكم ، وإنزاله مشتملا على الحكم التفصيلي للعقائد والشرائع وغيرهما على لسان رجل منكم أمي مثلكم هو أكبر دليل وأظهر آية على أنه من عند الله ، لا من عنده ، كما جاء فى قوله : «فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ» أي جاوزت الأربعين ولم يصدر عنى مثله فى علومه ولا فى أخباره بالغيب ولا فى فصاحته وبلاغته.
والخلاصة ـ إنكم تتحكمون فى طلب المعجزات ، لان الدليل على نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم ، قد حصل بوجهين :
(١) إنه أنزل إليكم الكتاب المفصل المشتمل على علوم كثيرة ، بأسلوب عجز الخلق عن معارضته ، فيكون هذا دليلا على أن الله قد حكم بنبوته.
(٢) ما ذكر بعد ، من أن التوراة والإنجيل تشتملان على الآيات الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم رسول حق وأن القرآن كتاب حق من عند الله.
ثم ذكر ما يؤكد ما سبق فقال :
(وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) أي إن أنكر هؤلاء المشركون أن يكون القرآن حقا وكذّبوا به ، فالذين أعطيناهم الكتب المنزلة من قبله كعلماء اليهود والنصارى يعلمون أنه منزل من ربك بالحق.