فعلتم ذلك أخذكم عذاب أليم ، وقد وصف فى سورة هود العذاب بالقريب وهو أنه يقع بعد ثلاثة أيام من مسهم إياها بالسوء ، وكذلك كان ، وجاء فى سورة القمر : «وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ».
وجاء تفسير هذا فى سورة الشعراء : «هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ» أي إن الماء الذي كانوا يشربون منه قسمة بينهم وبين الناقة ، إذ كان ماء قليلا ، فكانوا يشربونه يوما وتشرب هى يوما ، وقد روى عن ابن عباس أنهم كانوا يستعيضون عن الماء يوم شربها بلبنها.
ثم ذكّرهم بنعم الله عليهم وبوجوب شكرها بعبادته تعالى وحده فقال :
(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) أي وتذكروا نعم الله عليكم وإحسانه إليكم ، إذ جعلكم خلفاء لعاد فى الحضارة والعمران والقوة والبأس وأنزلكم منازلهم تتخذون من سهولها قصورا زاهية ، ودورا عالية ، بما ألهمكم من حذق فى الصناعة ، فجعلكم تضربون اللبن وتحرقونه آجرا (الطوب المحرق) وتستعملون الجص وتجيدون هندسة البناء ودقة النجارة ، وتنحتون من الجبال بيوتا ، إذ علمكم صناعة النحت ، وآتاكم القوة والجلد.
روى أنهم كانوا يسكنون الجبال فى الشتاء لما فى البيوت المنحوتة من القوة ، فلا تؤثر فيها الأمطار والعواصف ، ويسكنون السهول فى باقى الفصول للزراعة والعمل.
(فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي وتذكروا هذه النعم العظام ، واشكروها له بتوحيده وإفراده بالعبادة ، ولا تتصرفوا فيها تصرف كفران وجحود بفعل ما لا يرضى الله الذي خلقها لكم ، فما بالكم بالكفر والعثى فى الأرض بالفساد.
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ : أَتَعْلَمُونَ