وهلك ، أي فأنجيناه وأهل بيته الذين آمنوا معه إلا امرأته ، فإنها لم تؤمن به ، بل خانته بولاية قومه الكافرين ، فكانت من جماعة الهالكين أو الباقين الذين نزل بهم العذاب فى الدنيا ، وبعده عذاب الآخرة.
(وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) الإمطار حقيقة فى المطر مجاز فيما يشبهه فى الكثرة من خير وشر مما يجىء من السماء أو من الأرض أي وأرسلنا عليهم مطرا عجيبا أمره وهو الحجارة التي رجموا بها ، وجاء فى سورتى هود والحجر إنها حجارة من سجيل مسوّمة أي معلمة ببياض فى حمرة.
وقد يكون سبب إمطار الحجارة عليهم إرسال إعصار من الريح حمل تلك الحجارة وألقاها عليهم ، أو أن تلك الحجارة من بعض النجوم المحطّمة التي يسميها علماء الفلك الحجارة النيزكية وهى بقايا كوكب محطم تجذبه الأرض إليها إذا صار بالقرب منها ، وهى تحترق غالبا من سرعة الجذب وشدته ، وهى الشهب التي ترى بالليل ، فإذا سلم منها شىء من الاحتراق ووصل إلى الأرض ساخ فيها وكان لسقوطه صوت شديد ، وقد وجد الناس بعض هذه الحجارة ووضعوها فى دور الآثار.
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) أي فانظر أيها المعتبر هذا القصص وتأمله حق التأمل ، لتعلم عقاب الأمم على ذنوبها فى الدنيا قبل الآخرة.
وهذا العقاب أثر طبيعى لذلك ، فإنك ترى الترف والفسق يفسدان أخلاق الأمم ويذهبان ببأسها ويفرّقان كلمتها ويجعلانها شيعا وأحزابا متعادية ، فيسلط الله عليها من يستذلها ويسلبها استقلالها ، ويسخرها لمنافعه ، ولا يزال بها هكذا حتى تنقرض وتكون من الهالكين.
وقد يكون هلاكها بسنن الله فى الأرض من إرسال الجوائح كالزلازل والمواد المصطهرة التي تقذفها البراكين من الأرض ، أو بالأوبئة والأمراض الفتاكة ، أو بالثورات والفتن والحروب ونحو ذلك مما يكون سببا فى انقراض الأمم وفنائها