ولا سيما فى البلاد التي تأنى إليها أنواع الزينة من البلاد الأجنبية عنها ، إذ تذهب الثروة إلى غير أهلها ، وربما ذهبت إلى من يستعين بها على استذلالهم والعدوان عليهم.
والخلاصة ـ إن الطعام والشراب من ضرورات الحياة الحيوانية ، ولكن ضل فى ذلك فريقان :
(ا) فريق البخلاء والغلاة فى الدين تركوا الأكل والشرب من الطيبات المستلذة ، إما بخلا وشحا أو تحرجا وتأثما ، إما دائما أو فى أوقات مخصوصة من السنة.
(ب) فريق المترفين الذين أسرفوا فى اللذات البدنية وجعلوها جلّ همهم ، فهم يأكلون ويشربون ويتمتعون كما تتمتع الأنعام ، وليس لهم غاية يقفون عندها ، أو نهاية ينتهون إليها.
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) إخراج الله للزينة خلق موادها وتعليم طرق صنعها بما أودع فى فطرهم من حبها والميل إلى الافتنان فى استعمالها ، إذ خلقهم مستعدين لإظهار آياته فى جميع ما خلق فى هذا العالم الذي يعيشون فيه ، بما أودع فى غرائزها من الميل إلى البحث فى كشف المجهول والاطلاع على خفايا الأمور ، فهم لا يدعون شيئا عرفوه بحواسهم أو عقولهم حتى يبحثوه من طرق شتى وأوجه لا نهاية لها ، ولن تنتهى بحوثهم مادام الإنسان على ظهر البسيطة.
وغريزة حب الزينة وحب التمتع بالطيبات كانت من أهم الأسباب فى اتساع أعمال الفلاحة والزراعة ورقىّ ضروب الصناعة ، واتساع وسائل العمران ، ومعرفة سنن الله وآياته فى الأكوان ، وهما لا يذمّان إلا بالإسراف فيهما والغفلة عن شكر المنعم بهما.
والخلاصة ـ إن الدين لم يحرمهما إلا إذا كانا عائقين عن الكمال الروحي والكمال الخلقي ، وإنه لم يجعل تركهما قربة إلى الله كما جرى على ذلك الوثنيون من البراهمة وغيرهم وقلّدهم فى ذلك بعض المسلمين وصاروا يبثون فى الأمم الإسلامية تعاليم تقضى