فى القنوت (وإليك نسعى ونحفد) والطيبات : اللذائذ ، والمراد بالباطل : منفعة الأصنام وبركتها؟
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عجائب أحوال الحيوان ، وما فيها من نعمة للإنسان ؛ كالأنعام التي يتخذ من ضرعها اللبن ، والنحل التي يشتار منها العسل ، ويؤخذ منها الشمع للاضاءة ـ أردف ذلك بيان أحوال الناس ، فذكر مراتب أعمارهم ، وأن منهم من يموت وهو صغير ، ومنهم من يعمّر حتى يصل إلى أرذل العمر ، ويصير نسّاء لا يحفظ شيئا ، وفى ذلك دليل على كمال قدرة الله ووحدانيته ، ثم ثنّى بذكر أعمال أخرى لهم وهى تفضيل بعضهم على بعض فى الرزق ، فقد يرى أكيس الناس وأكثرهم عقلا وفهما يفنى عمره فى طلب القليل من الدنيا وقلّ أن يتيسر له ، بينا يرى أقلّ الناس علما وفهما تتفتح له أبواب السماء ، ويأتيه الرزق من كل صوب ، وذلك دليل على أن الأرزاق قد قسمها الخلاق العليم كما قال : «نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» وقال الشافعي رحمه الله :
ومن الدليل على القضاء وكونه |
|
بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق |
ثم ثلث بذكر نعمة ثالثة عليهم ، إذ جعل لهم أزواجا من جنسهم ، وجعل لهم من هذه الأزواج بنين وحفدة ، ورزقهم المطعومات الطيبة من النبات كالثمار والحبوب والأشربة ، أو من الحيوان على اختلاف أنواعها.
الإيضاح
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) أي والله أوجدكم ولم تكونوا شيئا أنتم ولا آلهتكم التي تعبدونها من دون الله ، ثم وقّت أعماركم بآجال مختلفة ، فمنكم من تعجّل وفاته ، ومنكم من يهرم ويصير إلى أرذل العمر وأخسه ، فتنقص قواه