أي المتفرسين الذين يتثبتون فى نظرهم ليعرفوا سمة الشيء وعلامته ، يقال توسمت فى فلان خيرا : أي ظهرت لى منه علاماته ، قال عبد الله بن رواحة يمدح النبي صلى الله عليه وسلم :
إنى توسمت فيك الخير أعرفه |
|
والله يعلم أنى ثابت البصر |
لبسبيل مقيم : أي لبطريق واضح معلم ليس بخفي ولا زائل ، وأصحاب الأيكة : قوم شعيب عليه السلام ، والأيكة : الغيضة ، وهى الشجر الملتف بعضه على بعض وقد كانوا فى مكان كثير الأشجار كثيف الغبار ، لبإمام مبين : أي لبطريق واضح وأصل الإمام ما يؤتم به سمى به الطريق لأنه يؤتم ويتّبع ، وأصحاب الحجر : هم ثمود ، والحجر : واد بين المدينة والشام كانوا يسكنونه ، ويسمى كل مكان أحيط بالحجارة حجرا ومنه حجر الكعبة ، وآياتنا : هى الناقة وفيها آيات كثيرة كعظم خلقها ، وكثرة لبنها ، وكثرة شربها ، والإمام : ما يؤتم به ومن جملة ذلك الطريق التي تسلك.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه ما أوعد به أهل الغواية فى يوم القيامة من دخول جهنم ، وذكر أنها دركات لأولئك الغاوين بحسب اختلاف أحوالهم بمقدار ما دنّسوا به أنفسهم من اتخاذ الانداد والشركاء وارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ثم أعقبه بذكر ما أعدّ لعباده المؤمنين من الجنات والعيون والنعيم المقيم والراحة التي لا نصب بعدها ولا تعب ، وجلوس بعضهم مع بعض ، يتنادمون ويتجاذبون أطراف الأحاديث ، وهم فى سرور وحبور على سرر متقابلين ـ أردف ذلك فذلكة وخلاصة لما سبق ، فأمر نبيه أن يبلغ عباده أنه غفار لذنوب من تابوا وأنابوا إلى ربهم ، وأن عذابه مؤلم لمن أصرّوا على المعاصي ولم يتوبوا منها ، ثم فصل ذلك الوعد والوعيد فذكر البشارة لإبراهيم بغلام عليم ، وذكر إهلاك قوم لوط بما اجترحوا من كبرى الموبقات ، وفظيع الجنايات ، بفعلهم فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين ، حتى