وفى قوله (نَبِّئْ عِبادِي) إيماء إلى أنه ينبىء كل من كان معترفا بعبوديته ، فيشمل ذلك المؤمن المطيع والعاصي ، وغير خاف ما فى ذلك من تغليب جانب الرحمة من قبله تعالى على جانب العقاب.
(وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) أي وأخبرهم أيضا بأن عذابى لمن أصر على معاصىّ وأقام عليها ولم يتب منها ـ هو العذاب المؤلم الموجع الذي لا يشبهه عذاب آخر ، وفى هذا تهديد شديد وتحذير لخلقه أن يقدموا على معاصيه ، ومن الأمر لهم بالإنابة والتوبة.
والخلاصة ـ إن الله جمع لعباده بين التبشير والتحذير ، ليكونوا على قدمى الرجاء والخوف ، وحال الأنس والهيبة.
ثم ذكر سبحانه قصصا تقدم مثله بأسلوب آخر فى سورة هود وبدأ بقصص إبراهيم عليه السلام فقال :
(وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً) أي أخبر عبادى عن ضيوف إبراهيم خليل الرحمن وهم الملائكة الذين أرسلهم الله إلى قوم لوط ليستأصلوا شأفتهم ويبيدوهم على ظلمهم ، فقالوا حين دخلوا عليه سلاما : أي سلمت من الآفات والآلام سلاما.
(قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) أي قال إبراهيم للضيف : إنا خائفون منكم ، لأنهم دخلوا عليه بلا إذن وفى وقت لا يجىء فى مثله طارق ، أو لأنه حين قرّب إليهم العجل الحنيذ لم يأكلوا منه ، والضيف إذا لم يأكل مما يقدم له من الطعام يظنّ أنه لم يأت لخير ، ويؤيد هذا قوله فى سورة هود : «فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً».
(قالُوا لا تَوْجَلْ) أي قال الضيف لإبراهيم : لا تخف ولا يحم حول ساحتك الخوف والهلع.