الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد ، ووصل إليهم قال أحدهم أنا فلان بن فلان فيعرّفه نسبه ويقول له : أنا أخبرك عن محمد. إنه رجل كذاب لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيهم ، وأما شيوخ قومه وخيارهم فمفارقون له ، فيرجع الوافد ، فذلك قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) فإن كان الوافد ممن عزم الله له الرشاد فقالوا له مثل ذلك ، قال : بئس الوافد لقومى إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل وأنظر ما يقول ، وآتى قومى ببيان أمره ، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ماذا يقول محمد؟ فيقولون خيرا.
ثم فضلوا هذا الخير فقالوا :
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) أي للذين آمنوا بالله ورسوله وأطاعوه فى هذه الدنيا ، ودعوا عباده إلى الإيمان والعمل بما أمر به ـ مثوبة حسنة من عند ربهم ، كفاء ما قدموا من عمل صالح وخير عميم.
ونحو الآية قوله : «مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ».
ثم ذكر جزاءهم فى الآخرة وما أعدّ لهم من جزيل النعم فقال :
(وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) من الحياة الدنيا ، والجزاء فيها أتمّ من الجزاء فى تلك.
ونحو الآية قوله : «وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً» الآية ، قوله : «وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ» وقوله لرسوله :
«وللآخرة خير لك من الأولى».
وفصل هذا الجزاء بقوله :
(وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي ولنعمت