وأنه باعثهم بعد مماتهم يوم القيامة أحياء ، ومن قبل هذا جرءوا على مخالفة الرسل ، ووقعوا فى الكفر والمعاصي.
ثم ذكر سبحانه الحكمة فى المعاد ، وقيام الأجساد يوم التناد فقال :
(لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) أي بل يبعثهم ليبين لهم وجه الحق فيما جاء به الرسل وخالفتهم فيه أممهم ، فيمتاز الخبيث من الطيب ، والمطيع من العاصي ، والظالم من المظلوم ، إلى نحو أولئك مما كان مدار دعوة أولئك الرسل وأنكرته الأمم الذين أرسلوا إليهم ، ويجزى الذين أساءوا بما عملوا ، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى.
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) أي وليعلم الذين جحدوا وقوع البعث والجزاء أنهم كانوا كاذبين فى قولهم : لا يبعث الله من يموت ، وسيدعون إلى نار جهنم دعّا ، وتقول لهم الزبانية : «هذه النّار الّتى كنتم بها تكذّبون. أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون. أصلها فاصبروا أولا تصبروا سواء عليكم إنّما تجزون ما كنتم تعملون».
ثم أخبر سبحانه عن كامل قدرته ، وأنه لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء فقال :
(إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي إنا إذا أردنا أن نبعث من يموت فلا تعب علينا ولا نصب فى إحيائه ولا بعثه ، لأنا إذا أردنا ذلك فإنما نقول له : كن فيكون ، لا معاناة فيه ، ولا كلفة علينا.
ونحو الآية قوله : «فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» وقوله : «وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ» وقوله : «ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ».
وخلاصة هذا ـ إنه تعالى مثّل حصول المقدورات وفق مشيئته ، وسرعة حدوثها حين إرادته ، بسرعة حصول المأمور حين أمر الآمر وقوله ، دون هوادة ولا تراخ.