وقال الحسن البصري : العالم من خشى الرّحمن بالغيب ، ورغب فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ثم تلا الآية.
وعن عائشة قالت : «صنع رسول الله صلّى الله عليه وسلم شيئا فرخّص فيه ، فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم ، فخطب فحمد الله ثم قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ، فو الله إنى لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية» ، أخرجه البخاري ومسلم ثم بين سبب خشيتهم منه فقال :
(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) أي إن الله عزيز في انتقامه ممن كفر به ، غفور لذنوب من آمن به وأطاعه ، فهو قادر على عقوبة العصاة وقهرهم ، وإثابة أهل الطاعة والعفو عنهم ، ومن حق المعاقب والمثيب أن يخشى.
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠))
تفسير المفردات
يتلون : أي يتّبعون من قولهم تلاه إذا تبعه ، لأن التلاوة بلا عمل لا نفع فيها ، وقد ورد : «ربّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنه» والمراد من التجارة المعاملة مع الله لنيل الثواب ، وتبور : أي تكسد.
المعنى الجملي
لما بين سبحانه أن العلماء هم الذين يخشون الله ويخافون عقابه ـ أردف ذلك ذكر حال العالمين بكتاب الله العالمين بما فرض فيه من أحكام كإقامة الصلاة