والخلاصة ـ لا ينبغى لمؤمن ولا مؤمنة أن يختارا أمرا قضى الرسول بغيره ثم أكد ما سلف بقوله :
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) أي ومن يعص الله ورسوله فيما امرا ونهيا فقد جار عن قصد السبيل وسلك غير طريق الهدى والرشاد ، وقد علمت فيما سلف سبب نزول هذه الآية.
ونحو الآية قوله : «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».
ثمّ ذكّر الله نبيه بما وقع منه ليزيده تثبيتا على الحق ، وليدفع عنه ما حاك فى صدور ضعاف العقول ومرضى القلوب فقال :
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) أي واذكر أيها الرسول حين قولك لمولاك الذي أنعم الله عليه فوفّقه للاسلام ، وأنعمت عليه بحسن تربيته وعتقه وتقريبه منك : أمسك عليك زوجك زينب ، واتق الله فى أمرها ، ولا تطلقها ضرارا ، وتعللا بتكبرها وشموخا بأنفها ، فإن الطلاق يشينها ، وربما لا يجد بعدها خيرا منها.
وفى التعبير بأنعمت عليه إيماء إلى وجه العتب بذكر الحال التي تنافى ما صدر منه عليه السلام من إظهار خلاف ما فى نفسه ، إذ هذا إنما يكون حين الاستحياء والاحتشام ، وكلاهما مما لا ينبغى أن يكون مع زيد مولاه (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) أي وأنت تعلم أن الطلاق لا بد منه ، بما ألهمك الله أن تمتثل أمره بنفسك لتكون أسوة لمن معك ولمن يأتى بعدك ، وإنما غلبك فى فى ذلك الحياء وخشية أن يقولوا تزوج محمد مطلّقة متبناه ، فأنت تخفى فى نفسك ما الله به من الحكم الذي ألهمك (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) أي وتخاف من اعتراض الناس والله