الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) أي أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكرا كثيرا فى جميع أحوالكم جهد الطاقة ، لأنه المنعم عليكم بأنواع النعم ، وصنوف المنن.
(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) أي ونزهوه عما لا يليق به طرفى النهار ، لأن وقت البكرة وقت القيام من النوم وهو يعدّ كأنه حياة جديدة بعد موت ، ووقت الأصيل وقت الانتهاء من العمل اليومي ، فيكون الذكر شكرا له على توفيقه لأداء الأعمال ، والقيام بالسعي على الأرزاق فلم يبق إلا السعى إلى ما يقربه من ربه بالعمل للآخرة.
ثم ذكر السبب فى هذا الذكر والتسبيح فقال :
(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) أي إن ربكم الذي تذكرونه الذكر الكثير وتسبحونه بكرة وأصيلا ـ هو الذي يرحمكم ويثنى عليكم فى الملإ من عباده ، وتستغفر لكم ملائكته.
وفى هذا من التحريض على ذكره والتسبيح له مالا يخفى.
(لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي إنه برحمته وهدايته ودعاء الملائكة لكم ـ أخرجكم من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان.
(وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) فى الدنيا والآخرة ، أما فى الدنيا فانه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم ، وبصصّرهم الطريق الذي حاد عنه سواهم من الدعاة إلى الكفر ، وأما فى الآخرة فإنه آمنهم من الفزع الأكبر وأمر الملائكة أن يتلقوهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار ، وهذا ما أشار إليه بقوله :
(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) أي تحييهم الملائكة بذلك إذا دخلوا الجنة ، كما قال تعالى : «وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ».