الجبال ، واُضيع الحريم (١) ، واُزيلت الحرمة عند مماته (٢). فتلك والله النّازلة الكبرى (٣) ، والمصيبة العظمى ، لا مثلها نازلةٌ ولا بائقةٌ عاجلةٌ (٤) أعلن بها كتاب الله ـ جل ثناؤه ـ في أفنيتكم في ممساكم ومصبحكم (٥) هِتافاً وصُراخاً وتلاوة وإلحاناً (٦) ، وَلقَبْلَهُ ما حلَّ بأنبياء الله ورسله ، حكم فصل (٧) وقضاءٌ حتم (٨) : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ (٩) مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ (١٠) وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (١١) » (١٢).
__________________
(١) حريم الرجل : ما يحميه ويقاتل عنه.
(٢) الحرمة : ما لا يحل انتهاكه. وفي بعض النسخ : « الرحمة » مكان « الحرمة ».
(٣) النازلة : الشديدة.
(٤) البائقة : الداهية.
(٥) فناء الدار ، ككساء : العرصة المتسعة امامها. والممسى والمصبح. بضم الميم فيها ـ مصدران وموضعان من الاصباح والامساء.
(٦) الهتاف : بالكسر : الصياح ، والصراخ ، كغراب : الصوت او الشديد منه ، والتلاوة ، بالكسر : القراءة والالحان : الافهام يقال : ألحنه القول أي افهمه اياه ، ويحتمل ان يكون من اللحن بمعنى الغناء والطرب ، قال الجوهري : « اللحن واحد الالحان واللحون ، ومنه الحديث : اقرأوا القرآن بلحون العرب ، وقد لحن قرائته اذا طرد به وغرد ، وهو الحن الناس اذا كان احسنهم قراءة او غناء » انتهى. ويمكن ان يقرأ على هذا بصيغة الجمع ايضا ، والأوّل اظهر. وفي الكشف : « فتلك نازلة اعلن بها كتاب الله في قبلتكم ممساكم ومصبحكم هتافا هتافا ».
(٧) الحكم الفصل : هو المقطوع به الذي لا ريب فيه ولا مرد له ، وقد يكون بمعنى القاطع الفارق بين الحق والباطل.
(٨) والحتم في الاصل : احكام الامر ، والقضاء الحتم هو الذي لا يتطرق إليه التغيير.
(٩) مضت.
(١٠) الانقلاب على العقب : الرجوع القهقري ، اريد به الارتداد بعد الإيمان.
(١١) آل عمران : ١٤٤.
(١٢) الشاكرون : المطيعون المعترفون بالنعم الحامدون عليها. قال بعض الاماثل : واعلم ان الشبهة العارضة للمخاطبين ، بموت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اما عدم تحتم العمل بأوامره وحفظ حرمته في أهله ، فان العقول الضعيفة مجبولة على رعاية الحاضر اكثر من الغايب وانه اذا غاب عن ابصارهم ذهب كلامه عن اسماعهم ووصاياه عن قلوبهم ، فدفعها اشارة إليه صلوات الله عليه واله ـ من اعلان الله جل ثناؤه واخباره بوقع تلك الواقعة الهايلة قبل وقوعها وان الموت مما قد نزل بالماضين من انبياء الله ورسله ـ تثبيتا للامة على الإيمان ، وازالة لتلك الخصلة الذميمة عن نفوسهم. ويمكن ان يكون معنى الكلام. اتقولون مات محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد موته ليس لنا زاجر ولا مانع عما ، نريد ولا نخاف احدا في ترك الانقياد للاوامر وعدم الانزاجار عن