ومجمع (١) ؟! تلْبَسُكُم الدَّعوة ، وتشملكم الخَبْرَة (٢) ، وأنتم ذوو العدد والعُدَّة ، والأداة والقوَّة ، وعندكم السلاح والجُنّةَ ؛ توافيكم الدعوة فلا تُجيبون ، وتأتيكم الصَّرخة فلا تُغيثون ، وأنتم موصوفون بالكفاح (٣) ، معروفون بالخير والصَّلاح ، والنُّجَبَة التي انتُجِبتْ (٤) ، والخِيَرَة التي اختيرت ! (٥) قاتلتم العرب ، وتحمَّلتم الكَدَّ والتعب ، وناطحتم الاُمم (٦) ، وكافحتم البُهم (٧) ، فلا نبرح أو تبرحون (٨) ، نأمركم فتأتمرون (٩) حتى دارت بنا رَحَى الإسلام (١٠) ،
__________________
(١) والمبتدأ في اكثر النسخ بالباء الموحدة مهموزاً ، فلعل المعنى انكم في مكان يبتدأ منه الامور والاحكام ، والاظهر أنه تصحيف المنتدا بالنون غير مهموز بمعنى المجلس ، وكذا في المناقب القديم ، فيكون « المجمع » كالتفسير له. والغرض الاحتجاج عليهم بالاجماع ( بالاجماع ـ خ ل ) الذي هو من اسباب القدرة على دفع الظلم. واللفظان غير موجودين في رواية ابن ابي طاهر.
(٢) « تلبسكم » على بناء المجرد أي تغطيكم وتحيط بكم. والدعوة : المرة من الدعاء أي النداء كالخبرة ـ بالفتح ـ من الخبر بالضم بمعنى العلم ، او الخبرة بالكسر بمعناه. والمراد بالدعوة نداء المظلوم للنصرة ، وبالخبرة علمهم بمظلوميتها صلوات الله عليها. والتعبير بالاحاطة والشمول للمبالغة او للتصريح بان ذلك قد عمهم جميعاً. وليس من قبيل الحكم على الجماعة بحكم البعض او الاكثر. وفي رواية ابن ابي طاهر : « الحيرة » بالحاء المهملة ، ولعلة تصحيف ، ولا يخفى توجيهه.
(٣) الكفاح : استقبال العدو في الحرب بلا ترس ولا جنة ، ويقال : فلا يكافح الامور أي يباشرها بنفسه.
(٤) النجبة ، كهمزة : النجيب الكريم. وقيل : يحتمل ان يكون بفتحٍ الخاء المعجمة او سكونها بمعنى المنتخب المختار ، ويظهر من ابن الاثير انها بالسكون تكون جمعاً.
(٥) الخيرة ، كعنية : المفضل من القوم المختار منهم.
(٦) أي حاربتم الخصوم ودافعتموها بجد واهتمام كما يدافع الكبش قرنه بقرنه. واليهم : الشجعان كما مر ومكافحتها : التعرض لدفعها من غير توانٍ وضعف.
(٧) في المناقب : « لنا أهل البيت قاتلتم وناطحتم الامم وكافحتم البهم ».
(٨) « أو تبرحون » معطوف على مدخول النفي ، فالمنفي احد الأمرين ، ولا ينتفي إلاّ بانتفائهما معاً ، فالمعنى لا نبرح ولا تبرحون.
(٩) أي كما لم نزل آمرين ، وكنتم مطيعين لنا في اوامرنا ، وفي كشف الغمة : « وتبرحون بالواو ، فالعطف على مدخول النفي ايضا ويرجع إلى ما مر. وعطفه على النفي اشعارا بأنه قد كان يقع منهم براح عن الاطاعة كما في غزوة احد وغيرها بخلاف أهل البيت عليهمالسلام اذا لم يعرض لهم كلال عن الدعوة والهداية ، بعيد عن المقام. والاظهر ما في رواية ابن ابي طاهر من ترك المعطوف رأسا : « لانبرح نأمركم » أي لم نزل عادتنا الأمر ، وعادتكم الايتمار ، وفي المناقب « لا نبرح ولا تبرحون نأمركم » فيحتمل ان يكون « أو » في تلك النسخة ايضا بمعنى الواو ، أي لانزال نأمركم ولا تزالون تأتمرون ، ولعل ما في المناقب اظهر النسخ واصوبها.
(١٠) دوران الرحى كناية عن انتظام امرها ، والباء للسببية.