حَمِيدٌ ) (١) ألا وقد قلت ما قلت على معرفة منّي بالخذْلَة التي خامَرَتكم (٢) ، والغَدْرة التي استشْعَرَتْها قلوبُكم (٣) ، ولكنها فيضة النفس (٤) ، ونفْثة الغيظ (٥) ، وخَوَرُ القَنا (٦) ، وبثََّة الصدور (٧) ، وتقْدِمة الحُجّة (٨).
فدونكموها فاحتقِبوها (٩) دَبِرَةَ الظَّهر (١٠) ، نَقِبَةَ الخُفِّ (١١)، باقية العار (١٢) ، موسومة بغضب الله وشنار الأبد (١٣) ، موصولة بنار الله المُوقدة (١٤) التي تطلع على
__________________
بفتح الكاف ـ وقد يكسر ـ أي مال إليه وسكن. وقال الجوهري : « وعجت بالمكان اعوج أي أقمت به. وعجت غيري ، يتعدى ولا يتعدى. وعجت البعير : عطفت رأسه بالزمام. والعايج : الواقف. وذكر ابن الاعرابي : فلان ما يعوج عن شي أي ما يرجع عنه ».
(١) إبراهيم : ٨ وفيها « إن تكفروا ».
(٢) الخذلة : ترك النصر. و « خامرتكم » أي خالطتكم.
(٣) الغدر : ضد الوفاء. واستشعره أي لبسه ، والشعار : الثوب الملاصق اللبدن.
(٤) الفيض في الاصل كثرة الماء وسيلانه ، يقال : فاض الخبر أي شاع ، وفاض صدره بالسر أي باح به واظهره ، ويقال : فاضت نفسه أي خرجت روحه ، والمراد به هنا اظهار المضمر في النفس لاسيتلاء الهم وغلبة الحزن.
(٥) النفث بالضم شبيه بالنفخ ، وقد يكون للمغتاط تنفس عال تسكينا لحر القب واطفاء لناثرة الغضب.
(٦) الخور ، بالفتح والتحريك : الضعف. والقنا : جمع قناة وهي الرمح ، وقيل : كل عصا مستوية او معوجة قناة. ولعل المراد بخور القنا ضعف النفس عن الصبر على الشدة وكتمان الضر أو ضعف ما يعتمد عليه في النصر على العدو ، والأوّل انسب.
(٧) البث : النشر والاظهار والهم الذي لا يقدر صاحبه على كتمانه فيبثه أي يفرقه.
(٨) تقدمة الحجة : اعلام الرجل قبل وقت الحاجة قطعا لاعتذاره بالغفلة والحاصل ان استنصاري منكم وتظلمي لديكم واقامة الحجة عليكم لم يكن رجاء للعون والمظاهرة ، بل تسلية للنفس وتسكينا للغضب واتماما للحجة ، لئلا تقولوا يوم القيامة ( إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ ).
(٩) الحقب ، بالتحريك : حبل يشد به الرحل إلى بطن البعير ، يقال : احقبت البعير ، أي شددته به ، وكل ما شد في مؤخر رحل او قتب فقد احتقب ، ومنه قيل : احتقب فلان الاثم كأنه جمعه واحتقبه من خلفه ، فظهر ان الانسب في هذا المقام « أحقبوها » بصيغة الافعال ، أي شدوا عليها ذلك ، وهيأواها للركوب ، لكن فيما وصل الينا من الروايات على بناء الافتعال.
(١٠) الدبر ، بالتحريك : الجرح في ظهر البعير ، وقيل : جرح الدابة مطلقاً.
(١١) النقب ، بالتحريك : رقة خف البعير.
(١٢) العار الباقي : عيب لا يكون في معرض الزوال.
(١٣) وسمته وسما وسمة : اذا اثرت فيه بسمة وكي : والشنار : العيب والعار.
(١٤) نار الله الموقدة : المؤججة على الدوام. والاطلاع على الافئدة : اشرافها على القلوب بحيث يبلغ المها ، كما يبلغ ظواهر البدن. وقيل : معناه ان هذه النار تخرج ، الباطن إلى الظاهر بخلاف نيران الدنيا ، وفي الكشف « انها عليهم مؤصدة » والمؤصدة : المطبقة.