الأفئدة. فبعين الله ما تفعلون (١) ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ (٢) يَنقَلِبُونَ ) (٣). وأنا ابنةُ نذير لكم (٤) بين يدي عذاب شديد ، ، « فاعملوا (٥) إنّا عاملون وانتظروا إنّا منتظرون (٦).
فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان ، فقال : يا ابنة رسول الله ، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً ، رؤوفاً رحيماً ، وعلى الكافرين عذاباً أليماً وعقاباً عظيماً : فإنْ عزوناه وجدناه أباكِ دون النساء ، وأخاً لبعلكِ دون الأخلاّء ، آثره على كل حميم ، وساعده في كل أمر جسيم ، لا يُحِبُّكم إلا كل سعيد ، ولا يبغضكم إلا كل شقي : فأنتم عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله الطيبون ، والخِيَرَة المنتجبون ، على الخير أدلَّتُنا ، وإلى الجنَّة مسالكنا ، وأنتِ ـ يا خَيْرَةَ النساء وابنة خير الأنبياء ـ صادقة في قولك ، سابقة في وُفور عقلكِ ، غير مرْدودةٍ عن حقك ، ولا مصدودةٍ عن صدقك ، ووالله ، ما عدوتُ رأيَ رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث ذهباً ولا فضة ولا داراً ولا عقاراً ، وإنما نورِّث الكتب والحكمة ، والعلم والنبوة ، وما كان لنا من طُعْمة فلِوَليِّ الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه ».
وقد جعلْنا ما حاوَلْتِهِ في الكراع والسِّلاح يُقاتل به المسلمون ، ويُجاهدون الكفار ، ويُجالدون المَرَدَة (٧) ثم الفجّار. وذلك بإجماع من المسلمين لم أتفرَّدْ به وحْدي ، ولم
__________________
(١) أي متلبس بعلم الله اعمالكم ويطلع عليها كما يعلم احدكم ما يراه ويبصره. وقيل في قوله تعالى : ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) ان المعنى تجري بأعين اولياؤنا من الملائكة والحفظة.
(٢) المنقلب : المرجع والمنصرف. « أي » منصوب على انه صفة مصدر محذوف والعامل فيه « ينقلبون » لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه وانما يعمل فيه ما بعده والتقدير : « سيعلم الذين ظلموا ينقلبون انقلابا أي انقلاب ».
(٣) الشعراء : آية ٢٢٧.
(٤) أي انا ابنة من انذركم بعذاب الله على ظلمكم ، فقد تمت الحجة عليكم.
(٥) الأمر في « اعلموا » و « انتظروا » للتهديد. واما قول الملعون : « الرائد لا يكذب اهله » * فهو مثل استشهد به في صدق الخبر الذي افتراه على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. الرايد : من يتقدم القوم يبصر لهم الكلاء ومساقط الغيث. جعل نفسه لاحتماله الخلافة التي هي الرياسة العامة بمنزلة الرائد للامنة الذي يجب عليه ان ينصحهم ويخبرهم بالصدق.
* هذه الفقرة غير موجودة في الخطبة.
(٦) اقتباس من سورة هود : اية ١٢١ و ١٢٢.
(٧) المجالدة : المضاربة بالسيوف.