فنحن نعلم ، ان من ألقابها الصابرة ، والصبر مقام سامي ، اما معرفة علو شأن هذا المقام فهذا نراه من خلال القرآن الكريم ، حيث أثبت الله تعالىٰ الثواب لكثير من الفضائل الموجودة في القرآن أما الصبر والصابر فان اجرهم غير محدود وهذا ما نجده في قوله تعالىٰ ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) يعني أنه لا يوجد أجر محدود للصابر وللصبر بل أجره مفتوح وهذا يؤدي الىٰ ان الصبر يكون في اعلىٰ مقامات الفضائل الاخلاقية ، ومن هنا كان الصبر أم الاخلاق بل هو أفضلها واحسنها في كل شيء فما من شيء إلاّ ومقرون الصبر معه فالصلاة مقرون بالصبر عليها والطاعة كذلك والإيمان لابد من الصبر عليه لاثباته على النفس الانسانية ولذلك جعل الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد كما ورد في الحديث الشريف ذلك ، فاذا كان الصبر هكذا مقامه فانه سوف يكون الاساس لكثير من الاخلاق ، فلذا كان الزهد فرع من الاصل والام الذي هو الصبر وليس العكس صحيح فالزاهد لا يكون زاهداً حتى يصبر ويُصبر نفسه علىٰ ترك الدنيا وزخرفها واموالها وكل شيء يؤدي به الىٰ الزهد ، ومن هنا كان بيت القصيد وهو ان الزهراء حجة على الأنبياء من جهة صبرها في عالم الغيب والشهادة وصبرها في الدنيا على ما جرىٰ عليها من المحن والظلم ، وكذلك كانت الحجة علىٰ الأنبياء كما شهدت الكثير من الروايات الشريفة ، وكما سيأتي بعد قليل رواية مهمة تثبت هذه الفضيلة للزهراء ، وهذا أيضاً ما أثبتته الشواهد فنحن نجد ان الكثير من الأنبياء كانوا يدعون الله تعالىٰ أن يطوّل عمرهم وهذا بخلاف فاطمة الزهراء عليهاالسلام حيث كانت مستبشرة عندما أخبرها النبي الأعظم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم انها أول أهله لحوقاً به وهذا ما ذكره العلامة الاردبيلي رحمهالله في فضيلتها من جهة كونها تحب الموت ولا تكرهه حيث قال العلامة الاردبيلي ما نصه :
ان الطباع البشرية مجبولة علىٰ كراهة الموت مطبوعة علىٰ النفور منه ، محبة للحياة ، مايلة اليها ، حتىٰ الأنبياء عليهمالسلام علىٰ شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله تعالى ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه. وقصة آدم عليهالسلام مع طول عمره وامتداد أيام حياته معلومة.