لا حظ ـ أيها الخبير ـ ان قول عمر : إنه كما ذكرت يعني أن عليا حائز على جميع المواصفات التي تقدمه على الاخرين وتبين أولويته عليهم في مسالة الخلافة. وعمر بقوله هذا يعترف ويقر لعلي عليه السلام بذلك.
وأما قوله : «كثير الدعابة» هذه فرية ألصقها عمر بعلي عليه السلام ولا أصل لها ولا أساس ، وهي في الوقت نفسه لم تكن مانعة للخلافة فترى ان عمر بفريته هذه ينوه عن الصد عن استخلاف الامام علي عليه السلام.
ولو سلمنا بانه عليه السلام كثير الدعابة فهل هذه الصفة ـ فرضا ـ تكون سببا عن تصديه الخلافة؟ (١).
هذا سؤال بحاجة إلى جواب من عمر وأتباعه.
__________________
(١) أقول : فرية عمر واتهامه الامام علي عليه السلام بانه كان كثير الدعابة ثارت ذريعة في أيدي أتباعه الطلقاء وأبنائهم اولئك الذين لعنوا على لسان النبي صلى الله عليه واله أمثال عمر وبن العاص.
وقد رد عليه الامام في خطبة بليغة ذكر فيها ان هذه الصفة وغيرها تنطبق على ابن النابغة وغيره ممن يتهمون الامام علي عليه السلام أكثر من انطباقها على علي عليه السلام.
ومن راجع التاريخ الصحيح الذي لم تمد إليه الايدي الغاشمة والبواعث السياسية والاعتقادية ، ويراجع أيضا فتوة الامام علي ، شجاعته ، زهده ، ورعه ، علمه ، حكمته ، وسائر أوصافه النبيلة عرف أن تلك الفرية هي من مصاديق المثل السائر «كل يرى الناس بعين طبعه» ، و «رمتني بدائها وانسلت».
وإليك النص العلوي عليه السلام في رد زعم المفترين عليه بكثرة الدعابة : عجبا لابن النابغة ـ وأشباهه ـ يزعم لاهل الشام ـ والمسلمين ـ أن في دعابة ، واني امرؤ تلعابة اعافس وامارس ، ـ والله ـ لقد قال باطلا ، ونطق اثما ، أما وشر القول الكذب ، وإنه ليقول فيكذب ، ويعد فيخلف ، ويسال فيبخل ، ويسال فيلهف ، ويخون العهد ، ويقطع الال ، فإذا كان عند الحرب فاي زاجر وآمر هو ما لم تأخذ السيوف ماخذها ، فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القوم سبته. أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت ، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الاخرة ، إنه لم يبايع معاوية ـ وغيره غيره ـ حتى شرط أن يؤتيه آتية ـ واحلب حلبك ... ـ ويرضخ له على ترك الدين رصخة ، فتأمل يا خبير. (المعرب).