يأكلون ويشربون وهم في ملكهم يتقلبون وما تنقص دنياهم من أمرهم الذي تزعم أنه باطل ، وما لنا عليهم من فضل ، فاسترجع الناس وقام شعر رأسه وجلده ، فخرج عليه إلياس.
قال : وأنا إسحاق ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن قال : إن الذي زين لذلك الملك امرأته (١) ، وكانت قبله تحت ملك جبّار وكان من الكنعانيين من طول وجسم وحسن ، فمات زوجها الأول فاتّخذت تمثالا على صورة بعلها من الذهب ، وجعلت له حدقتين من ياقوت وتوّجته بتاج مكلّل بالدرّ والجوهر ، ثم أقعدته على سرير تدخل عليه فتدخّنه وتطيبه وتسجد له ثم تخرج عنه ، فتزوجت بعد ذلك هذا الملك الذي كان إلياس معه. وكانت فاجرة قد قهرت زوجها ، فكانت هي التي جمعت هؤلاء السبعين الذين زعموا أنهم أنبياء ، وبنت بيت الأصنام ووضعت البعل. فدعاهم إلياس إلى الله فلم يزدهم ذلك إلّا بعدا. فقال إلياس : اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا [إلّا](٢) الكفر بك وعبادة غيرك ، فغير ما بهم من نعمتك. قال الحسن : إن الله أوحى إلى إلياس إني قد جعلت أرزاقهم بيدك حتى تكون أنت الذي تأذن لهم ، فقال إلياس : اللهم أمسك عنهم القطر ثلاث سنين ، فأمسك الله عنهم ، وأرسل إلياس الملك فتاه وكان تلميذه يقال له اليسع بن حطوب (٣) ، وليس باليسع الذي يقال له الخضر ، وذلك ابن عاميا وكان هذا غلام يتيم من بني إسرائيل ، أوت أمه إلياس ، أخفت أمره ، وكان اليسع به ضرّ فدعا الله فعافاه من الضرّ الذي كان به ، واتّبع إلياس وآمن به وصدّقه ولزمه ، فذهب حيث ما ذهب ، فلما أمسك الله عنهم القطر أرسل إلياس أليسع إلى الملك ، فقال : قل له إن إلياس يقول لك إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله واتّبعت عتاة قومك هؤلاء الكذبة الذين يزعمون أنهم أنبياء ، واتّبعت هوى امرأتك الخبيثة التي خانتك وأهلكتك فاستعد للعذاب والبلاء.
قال : وأمسك الله عنهم القطر حتى هلكت الماشية والدوابّ والهوام وجهد الناس جهدا شديدا وخرج إلياس شفقا على نفسه حين دعا عليهم فانطلق اليسع فبلّغ رسالته الملك ، فعصمه الله من شرك الملك ولحق بإلياس ، فانطلق إلياس حتى أتى ذروة جبل ،
__________________
(١) واسمها أزبل ، انظر الطبري ١ / ٤٦١.
(٢) زيادة عن الطبري ١ / ٤٦٢.
(٣) في الطبري : أخطوب.