ثم مات فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا فارعة ، فإنّ مثل أخيك كمثل الذي أتاه الله آياته فانسلخ منها» إلى آخر (١) الآية [٢٣٧٦].
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو الحسين الفارسي ، أنا أبو سليمان الخطابي ، قال في حديث النبي صلىاللهعليهوسلم إن فارعة بنت أبي الصلت الثقفي جاءته فسألها عن قصة أخيها أميّة فقالت : قدم أخي من سفر فأتاني فوثب على سريري فأقبل طائران فسقط أحدهما على صدره فشق ما بين صدره إلى ثيبته فأيقظته فقلت : يا أخي هل تجد شيئا ، قال : لا ، والله إلّا توصيبا (٢) وذكرت القصة في موته.
حدّثنيه بعض أصحابنا عن الحسين بن إسماعيل المحاملي ، حدّثنا عبد الله بن شبيب ، حدّثني إبراهيم بن يحيى بن هانئ ، حدّثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزّهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس : قولها وثب على سرير : معناه اتكأ عليه ونام أو نحو ذلك ، وهي لغة حميرية يقال (٣) : وثب الرجل إذا قعد واستقر على المكان ، والوثاب : الفراش في لغتهم ، والثيبة : العانة ، ويقال هي ما بين السرة والعانة.
والتوصيب كالتوصيم : فتور وتكسّر يجده الإنسان في نفسه ، قال لبيد :
وإذا رمت رحيلا فارتحل |
|
واعص ما تأمر توصيم الكسل (٤) |
وأخبرني أبو رجاء الغنوي ، أخبرني محمد بن يحيى المقرئ ، حدثنا سلمة ، عن الفراء ، قال : قيل لأعرابي : كيف تجدك؟ فقال :
صداع وتوصيم العظام وفترة |
|
وغثي مع الإشراق في الجوف لابث |
وقد تبدل الميم باء لقرب مخارجها كقولهم : سمد رأسه وسبده ، وأمر لازم ولازب.
وقد روي في وفاته غير هذا.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٥ ـ ١٧٧.
(٢) أي فتورا.
(٣) بالأصل «فقال».
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٤١ واللسان «وصم».