من مصدر ، إذ هو جزؤه ، وكذا لا بدّ له من زمان ومكان يقع فيهما ، ولا بدّ للمتعدي من مفعول يقع عليه ، وكذا المجرور مفعول به لكن بواسطة حرف الجر ، ولهذا كان كل مجرور ليس من ضروريات الفعل لم يقم مقام الفاعل ، كالمجرور بلام التعليل ، نحو : جئتك للسّمن ، فلا يقال : جئ للسمن ، إذ ربّ فعل بلا غرض ، لكونه عبثا ، فمن ثمّ لم يقم المفعول له مقام الفاعل ، وإنما لم يقم المفعول معه مقامه ، إذ هو مصاحب ، وربّ فعل يفعل بلا مصاحب ، مع أن معه الواو التي أصلها العطف وهي دليل الانفصال ، والفاعل كجزء الفعل ، ولو حذفتها لم يعرف كونه مفعولا معه ،.
وكذا التمييز ، والمستثنى ليسا من ضرورياته ، وأجاز الكسائي نيابة التمييز ، لكونه في الأصل فاعلا ، فقال في : طاب زيد نفسا : طيبت نفس زيد ، وأما الحال فإنها ، وإن كانت من ضروريات الفعل ، لكن قلة مجيئها في الكلام منعتها من النيابة عن الفاعل الذي لا بدّ لكل فعل منه.
قوله : «وإذا وجد المفعول به تعيّن له ،» أي للقيام مقام الفاعل ، وذلك لكون طلب الفعل للمفعول به بعد الفاعل أشدّ منه لسائر المنصوبات.
هذا مذهب البصريين ، وأما الكوفيون ، ووافقهم بعض المتأخرين فذهبوا إلى أن قيام المفعول به المجرور مقام الفاعل أولى ، لا أنه واجب ، استدلالا بالقراءة الشاذة : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ)(١) ، بالنصب ، ويقول الشاعر :
٥١ ـ ولو ولدت قفيرة جرو كلب |
|
لسبّ بذلك الجرو الكلابا (٢) |
وأمثاله ،
__________________
(١) الآية ٣٢ من سورة الفرقان.
(٢) قفيرة بصيغة التصغير اسم أم الفرزدق. والبيت من قصيدة جرير التي أولها :
اقلي اللوم عاذل والعتابا |
|
وقولي ان اصبت لقد أصابا |
وهي في هجاء الفرزدق وتقدم هذا المطلع شاهدا في هذا الجزء.