فلا يجوز «جاء الّذي أنا أمس ضارب» ، أي : ضاربه ، بل يتعيّن ذكره (١).
واحترز بقوله : «ما بوصف» من الضمير المجرور بغير وصف ، فإنّه لا يجوز حذفه نحو «جاء الّذي أبوه ذاهب».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
كذا الّذي جرّ بما الموصول جر |
|
كمرّ بالّذي مررت فهو بر |
يعني : أنّ حذف الضمير العائد إلى الموصول إذا كان مجرورا بحرف الجرّ يكثر ، لكن بشروط :
الأوّل : أن يكون الموصول مجرورا بمثل ذلك الحرف الّذي جرّ به الضّمير لفظا ومعنى ، أو معنى فقط ، ولذا شذّ قول حاتم الطّائيّ (٢) :
(٣) ـ ... |
|
وأيّ الدّهر ذو لم يحسدوني |
فـ «أيّ» : استفهاميّة ، مبتدأ ، و «ذو» خبره ، وهي موصولة ، وجملة «لم يحسدوني» صلتها ، والعائد محذوف أي : فيه ، مع انتفاء خفض الموصول بـ «في».
__________________
(١) وذلك لأن المضاف وصف ماض ، وهو لا يعمل على الأصح ، وإذا كان لا يعمل فلا يجوز حذف العائد المجرور بإضافته إليه ، وذلك لأن الحذف إنما هو الكون المجرور منصوبا محلا ، وهو فيما ذكر غير منصوب محلا.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٤٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٨٢ ، الهمع : ١ / ٣١٠ ، حاشية الصبان : ١ / ١٧٢ ، شرح المرادي : ١ / ٢٥٤.
(٢) هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي ، أبو عدي ، وأبو سفانة ، شاعر فارس جواد جاهلي ، يضرب به المثل بجوده ، من أهل نجد ، زار الشام فتزوج ماوية بنت حجر الغسانية ، ومات في عوارض (جبل في بلاد طيء) سنة ٤٦ ق. ه ، له ديوان شعر ضاع معظمه.
انظر ترجمته في الأعلام : ٢ / ١٥١ ، نزهة الجليس : ١ / ٢٨٤ ، الخزانة : ٣ / ١٢٧ ، شواهد المغني : ١ / ٢٠٨ ، معجم المؤلفين : ٣ / ١٧٣.
٢٦ ـ عجز بيت من الوافر لحاتم (وليس في ديوانه) ، وصدره :
ومن حسد يجور عليّ قومي
الحسد : تمني زوال نعمة المحسود ، والجور : الظلم ، و «ذو» بمعنى «الذي» ، وهي «ذو» الطائية. والشاهد فيه واضح كما ذكره المؤلف.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٤٧ ، شرح الأشموني : ١ / ١٧٤ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٤٥١ ، شرح المرادي : ١ / ٢٥٦ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ٢٣١ ، تفسير البحر المحيط : ٤ / ٤٤٧ ، أوضح المسالك : ٣٣.