معتكفا على الاشتغال والإشتغال ، معرضا عمّا عدا العلم من الأشغال ، حتّى خرج من الدّنيا ولم يتعلق بأعراضها ولا صرف نفسه إلى أغراضها رحمهالله تعالى.
والحمد لغة : هو الرّضا (١) ، ومنه الحديث «حمدت إليكم غسل الإحليل» (٢) ، أي : رضيته لكم.
وعرفا : هو الثّناء باللّسان على الجميل الاختياريّ ، سواء كان في مقابلة نعمة أو غيرها (٣).
والرّبّ : يستعمل بمعنى السّيّد ، وبمعنى المولى ، وبمعنى المصلح للشيء والمربي له (٤) ، فهو سبحانه ربّ العالمين بمعنى السّيّد ، والمولى ، والمصلح لهم.
قال القتبي (٥) : والمخلوق لا يقال له «الربّ» معرفا باللام ، وإنّما يقال له : «ربّ كذا» مضافا (٦).
__________________
(١) قال الزبيدي في التاج (حمد) : والحمد الرضا ، والجزاء وقضاء الحق. وفي اللسان (حمد) : وقال بعضهم : أشكر إليك نعمة وأحدثك بها ، هل تحمد لهذا الأمر؟ أي : ترضاه.
(٢) الحديث أورده ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر (١ / ٤٣٣) برواية «أحمد إليكم غسل الإحليل» وقال : أي : غسل الذكر ، وذكره القرطبي في تفسيره (١ / ٣٤) بنفس الرواية ، وقال : أي : أرضاه لكم ، وانظر اللسان (حمد).
(٣) وفي التصريح (١ / ٩) : «والحمد عرفا : فعل يشعر بتعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الحامد أو غيره». وانظر مادة (حمد) من اللسان والتاج والمصباح المنير.
(٤) انظر اللسان : ٣ / ١٥٤٦ (ربب) ، تاج العروس والمصباح المنير (ربب) ، معجم مقاييس اللغة لابن فارس : ٢ / ٣٨١ (ربب).
(٥) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (والقتبي : نسبة إلى جده «قتيبة») ولد بالكوفة سنة ٢١٣ ه ، وأقام ببغداد وسمع من الزيادي وغيره ، وصنف مؤلفات تشهد له بعلو كعبه ـ منها في النحو : جامع النحو الكبير ، وجامع النحو الصغير. توفي ببغداد سنة ٢٧٦ ه (وقيل : ٢٧١ ه).
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٢٩١ ، الأعلام : ٤ / ١٣٧ ، شذرات الذهب : ٢ / ١٦٩ ، النجوم الزاهرة : ٣ / ٧٥ ، معجم المؤلفين : ٥ / ١٥٠ ، إنباه الرواة للقفطي : ٢ / ١٤٣ ، نزهة الألباء للأنباري : ٢٧٢ ، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني : ٣ / ٣٥٧ ، الأنساب للسمعاني : ١ / ٣٤٠ (طبع الهند).
(٦) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن (ص ٩) : «ولا يقال لمخلوق : هذا الربّ ، معرفا بالألف واللام ، كما يقال لله ، إنما يقال : هذا رب كذا ، فيعرف بالإضافة ، لأنّ الله مالك كل شيء ، فإذا قيل الرب ـ دلّت الألف واللام على معنى العموم ، وإذا قيل لمخلوق : رب كذا ورب كذا ـ نسب إلى شيء خاص لأنه لا يملك شيئا غيره». وإلى ذلك ذهب البغوي في تفسيره (١ / ٤٠) ، والزمخشري في الكشاف (١ / ٨ ـ دار المعرفة) ، وأبو حيان في النهر المادّ من