ثمّ قال رحمهالله تعالى :
بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد |
|
غنى بأن يفعل عن ثان فقد |
يعني : أنّ هذه الأفعال الثّلاثة وهي : «عسى ، واخلولق ، وأوشك» تسند لـ «أن يفعل» ، ويستغنى به عن ثاني الجزأين ، وتكون حينئذ أفعالا تامة تكتفي بالفاعل ، فتقول : «عسى أن تقوم» ، و «اخلولق أن يقوم زيد» ، و «أوشك أن تقوم هند» ، ومنه قوله عزوجل : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦].
و «قد» في قوله : «قد يرد» للتّحقيق ، لا للتّقليل ، لكثرة ورود ذلك.
ثم قال رحمهالله تعالى :
وجرّدن عسى أو ارفع مضمرا |
|
بها إذا اسم قبلها قد ذكرا |
يعني : أنّ «عسى» إذا ذكر قبلها اسم ـ جاز أن تجرّد من الضّمير وتسند إلى «أن» والفعل ، مستغنى بهما عن الخبر ، فتكون تامة ، وهي لغة أهل الحجاز (١) ، وجاز أن ترفع ضميرا يعود على الاسم (٢) السّابق ، ويكون اسمها ، و «أن» والفعل في موضع نصب على / الخبر ، فتكون ناقصة ، وهي لغة بني تميم (٣).
ويظهر (٤) أثر الاستعمالين في التأنيث والتثنية والجمع المذكّر والمؤنّث.
فتقول على الاستعمال الثّاني : «هند عست (٥) أن تفلح» ـ فـ «هند» مبتدأ ، و «عسى» فعل ماض ناقص ، واسمها ضمير مستتر فيها يعود على «هند» ، و «أن تفلح» في موضع نصب على أنّه خبر «عسى» ، و «عسى» ومعمولاها في موضع رفع على أنّه خبر المبتدأ ـ ، و «الزّيدان عسيا أن يقوما» ، و «الزّيدون عسوا أن يقوموا» ، و «الهندات عسين أن يقمن» ، فتعرب هذه الأمثلة كالمثال الأوّل.
__________________
(١) انظر شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٤٥٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢٠٩ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٦٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٢٨.
(٢) في الأصل : اسم. انظر شرح المكودي : ١ / ١٠١.
(٣) انظر شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٤٥٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢٠٩ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٦٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٢٧.
(٤) في الأصل : ونظير. انظر شرح المكودي : ١ / ١٠١.
(٥) في الأصل : عسى. انظر التصريح : ١ / ٢٠٩.