فمن كسر : جعلها جوابا للقسم ، ومن فتح : فعلى نيّة حرف الجرّ ، والتّقدير : على أنّي.
واحترز بقوله : «لا لام بعده» من الواقعة بعد فعل (١) القسم وبعده لام ، نحو : «حلفت إنّ زيدا لقائم» ، فإنّها حينئذ يجب كسرها. وفهم أنّ المراد / بالوجهين : الكسر والفتح ، من ذكرهما قبل.
الثّالث : أن تقع بعد فاء الجزاء كقوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ)(٢) غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام : ٥٤] ، قرئ بكسر «إنّ» على الأصل لأنّ الأصل في جواب الشّرط (٣) أن يكون جملة وبالفتح على تأويل «أنّ» بمصدر مجعول خبرا ، والمبتدأ محذوف تقديره : فجزاؤه الغفران ، أو العكس ، والتّقدير : فالغفران جزاؤه (٤) ، وهو المشار إليه بقوله : «مع تلو فا الجزا».
الرّابع : أن تقع خبرا عن قول ، ومخبرا عنها بقول ، والقائل للقولين شخص واحد ، وإليه أشار بقوله :
... وذا يطّرد |
|
في نحو خير القول إنّي أحمد |
يعني : أنّه يطّرد في هذا المثال وما أشبهه كسر «إنّ» وفتحها ، فالكسر على معنى : خير القول في هذا اللفظ الّذي أوّله «إنّي» ، فيكون (من) (٥) الإخبار بالجملة عن مبتدأ في معنى الجملة ، ولذلك لم يحتج إلى ضمير يربطها بالمبتدأ ، والفتح على معنى : خير القول حمد الله ، ويحتمل أن يكون بهذا اللفظ أو بغيره ممّا (٦) يفهم الحمد ، ويكون من باب الإخبار بالمفرد ، لأنّ «أنّ» وما بعدها مؤوّل بمفرد.
__________________
(١) في الأصل : فعل. مكرر.
(٢) في الأصل : فإنّ الله. انظر شرح المكودي : ١ / ١٠٥.
(٣) في الأصل : القسم. انظر شرح المكودي : ١ / ١٠٥.
(٤) قرأ نافع وأبو جعفر بفتح همزة «إنّ» الأولى ، وكسر الثانية ، وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب بفتح الأولى والثانية ، وقرأ الباقون بكسر الأولى والثانية.
انظر المبسوط في القراءات العشر : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٠٨ ، حجة القراءات : ٢٥٢ ، إملاء ما منّ به الرحمن : ١ / ٢٤٤ ، البيان لابن الأنباري : ١ / ٣٢٢ ، إعراب النحاس : ٢ / ٦٩ ، شرح المكودي : ١ / ١٠٥.
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٠٥.
(٦) في الأصل : بما. انظر شرح المكودي : ١ / ١٠٥.