و «ذا» في النّظم إشارة / إلى جواز هذين الوجهين ، ولو انتفى القول الأوّل فتحت وجوبا ، نحو «عملي أنّي أحمد الله» ، و (لو انتفى) (١) القول الثاني ، أو اختلف القائل لهما ـ كسرت (وجوبا فيهما) (٢) نحو «قولي إنّي مؤمن» ، و «قولي إنّ زيدا يحمد الله».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وبعد ذات الكسر تصحب الخبر |
|
لام ابتداء نحو (إنّي) (٣) لوزر |
يعني : أنّ اللام تدخل في خبر «إنّ» المكسورة الهمزة.
وفهم من اقتصاره على المكسورة أنّها لا تزاد بعد غيرها من أخواتها خلافا لمن أجاز زيادتها بعد «أنّ» المفتوحة (٤).
وفهم من قوله : «لام ابتداء» أنّها اللام التي تدخل على المبتدأ في نحو «لزيد قائم» (٥) خلافا لمن قال : إنّها غيرها (٦) ، وإنّما أخّرت للخبر مع «إنّ» كراهة
__________________
(١ ـ ٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح : ١ / ٢٢٠.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر الألفية : ٤٨.
(٤) وهو المبرد ، ومن ذلك قراءة بعض السلف : (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) بفتح الهمزة ، وخرّجها الجمهور على الزيادة. وأجاز الكوفيون دخول اللام في خبر «لكن» ، واستدلوا على ذلك بالسماع والقياس. أمّا السماع : فنحو قول الشاعر :
ولكنّني من حبّها لعميد
وأمّا القياس : فلأنّ الأصل في «لكن» : «إن» زيدت عليها «لا» والكاف ، وحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، فصارتا حرفا واحدا.
انظر الإنصاف (مسألة : ٢٥) : ١ / ٢٠٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٤٩٢ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٨٠ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٤٣٠ ، شرح المرادي : ١ / ٣٤٣ ، الهمع : ٢ / ١٧٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٨ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٣٤.
(٥) وهو مذهب البصريين ، قالوا : وإنّما أخّرت لأنّها للتأكيد و «إنّ» للتأكيد ، فكرهوا توالي حرفين لمعنى واحد ، والعرب لا تجمع بين حرفين لمعنى واحد إلا في ضرورة ، وإذا أرادوا ذلك فصلوا بينهما. قال الأخفش : إنّما بدؤوا بـ «إن» لقوتها من حيث إنّها عاملة واللام غير عاملة ، فجعلوا الأقوى متقدما في اللفظ. وقال ابن كيسان : أخرت لئلا يبطل عمل «إنّ» لو وليتها ، لأنّها تقطع مدخولها عمّا قبله. وفائدة هذه اللام توكيد مضمون الجملة ، وكذلك «إنّ» وإنّما اجتمعا لقصد المبالغة في التوكيد ، وقال الكسائي : اللام لتوكيد و «إنّ» لتوكيد الاسم.
انظر الهمع : ٢ / ١٧٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٤٣ ، الجنى الداني : ١٣٨ ـ ١٣٩.
(٦) ذهب الفراء إلى أنّها للفرق بين الكلام الذي يكون جوابا لكلام مضى على الجحد ، نحو «ما زيد قائم» ، فتقول : «إنّ زيدا لقائم» ، وبين ما لا يكون جوابا بل مستأنف إخبار. وذهب معاذ بن مسلم الهراء وثعلب إلى أن قولك : «إن زيدا منطلق» جواب : «ما زيد منطلقا» ،