النّاطق بها على ذلك كقول الطّرمّاح (١) ـ بالحاء المهملة ـ :
٥٩ ـ أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك |
|
وإن مالك كانت كرام المعادن |
فإنّ صدر البيت للإثبات والمدح ، فعلم أنّ «إن» في عجزه ليست للنّفي ، لئلا يتناقض صدر البيت وعجزه ، فلم يحتجّ إلى اللام الفارقة.
ثم قال رحمهالله تعالى :
والفعل إن لم يك ناسخا فلا |
|
تلفيه غالبا بإن ذي موصلا |
يعني : أنّ الفعل إذا وقع بعد «إن» المخفّفة لا يكون إلا من نواسخ الابتداء في الغالب ، وشرط النّاسخ : كونه غير ناف ، فخرج بذلك «ليس» ، وغير (٣) منفيّ ، فخرج بذلك «زال» وأخواتها ، و «ما كان» ، وغير صلة ، فخرج بذلك : «ما دام».
وكثر كونه مضارعا (ناسخا) (٤) ، نحو (وَ (٥) إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا)
__________________
(١) هو الطرماح بن حكيم بن الحكم بن نفر بن قيس بن جحد الطائي ، أبو نفر ، أبو ضبيعة ، شاعر إسلامي فحل ، ولد في الشام ونشأ فيها ، وانتقل إلى الكوفة فكان معلما فيها ، واعتقد مذهب الشراة من الأزارقة وكان معاصرا للكميت صديقا له ، لا يكادان يفترقان ، توفي في حدود سنة ١٢٥ ه ، من آثاره ديوان صغير.
انظر جمهرة الأنساب : ٣٧٨ ، كشف الظنون : ٧٩٨ ، الخزانة : ٨ / ٧٤ ، الأعلام : ٣ / ٢٢٥ ، معجم المؤلفين : ٥ / ٤٠.
٥٩ ـ من الطويل للطرمّاح بن حكيم من قصيدة له في ديوانه (١٧٣) ، وبعده :
ذوي المأثرات الأوليّات واللهى |
|
قديما وأكفاء العدوّ المزابن |
ويروى : «ونحن أباة» بدل «أنا ابن أباة». أباة : جمع آب ، من أبى : إذا امتنع. الضيم : الظلم.
مالك الأول : اسم أبي القبيلة ، ومالك الثاني : منقول منه اسم القبيلة ، ولهذا قال : كانت كرام المعادن ، بتأنيث الفعل ، وصرفه للضرورة. كرام المعادن : أي كرام الأصول. والشاهد في قوله : «وإن مالك كانت» حيث ترك فيه اللام الفارقة ، والتقدير : وإن مالك لكانت ، لأنها لا تلبتبس هنا بـ «إن» النافية لظهور المعنى المراد بسبب وجود القرينة المعنوية ، وهو كون المقام مقام مدح وإثبات لا نفي.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٤١ ، الشواهد الكبرى : ٢ / ٢٧٦ ، الهمع (رقم) : ٥٣٢ ، الدرر اللوامع : ١ / ١١٨ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٨٩ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ١٠٨ ، شواهد الجرجاوي : ٧٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٣٨ ، شرح ابن الناظم : ١٧٩ ، شرح المرادي : ١ / ٣٥٢ ، شرح دحلان : ٥٨ ، شواهد العدوي : ٧٧ ، البهجة المرضية : ٥٨ ، الجنى الداني : ١٣٤ ، المطالع السعيدة : ٢٣٠ ، تذكرة النحاة : ٤٣ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٥١ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٩ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٥٠.
(٢) في الأصل : وغيره. انظر التصريح : ١ / ٢٣١.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح : ١ / ٢٣١.
(٤) في الأصل : الواو. ساقط. انظر التوضيح : ١ / ٢٣١.