كيسان تكرارها في الصّورتين ، نحو «لا زيد في الدار ولا عمرو» ، ونحو (لا فِيها غَوْلٌ ، وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ)(١) [الصافات : ٤٧].
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
فانصب بها مضافا أو مضارعه |
|
وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه |
ووكّب المفرد (٢) فاتحا كلا |
|
حول ولا قوّة والثّان اجعلا |
مرفوعا أو منصوبا أو مركّبا |
|
وإن رفعت أولا لا تنصبا |
النّكرة التي تعمل فيها «لا» على ثلاثة أقسام : مضافة ، ومشبّهة بالمضاف ، ومفردة ، وقد أشار إلى الأوّل والثّاني بقوله :
فانصب بها مضافا او مضارعه
يعني : أنّها تنصب المضاف والمشبّه بالمضاف ، فهما معربان اتّفاقا (٣) ، والمراد بالمشبّه / بالمضاف : ما اتّصل به شيء من تمام معناه.
فمثال المضاف : «لا غلام رجل في الدّار» ، ومثال المشبّه به : «لا طالعا جبلا عندك» ، و «لا مارّا بزيد في الدّار» ، و «لا حسنا وجهه».
__________________
الأخيرين ، لأنّ الاستعمال لم يلزم فيهما ، كما لزم «عبد الله» والكسائي : قاسهما عليه. وجوز الفراء إعمالها في ضمير الغائب واسم الإشارة نحو «لا هو» و «لا هي» و «لا هذين لك ، ولا هاتين لك». وكل ذلك خطأ عند البصريين.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٣٦ ، الهمع : ٢ / ١٩٤ ـ ١٩٥ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٧٠ ـ ١٧١.
(١) أما في المعرفة فجبرا لما فاتها من نفي الجنس ، وأمّا في الانفصال فتنبيها بالتكرير على كونها لنفي الجنس ، لأن نفي الجنس تكرار للنفي في الحقيقة. وأمّا المبرد وابن كيسان فإنّهما أجازا عدم التكرار في الموضعين ، كقوله :
بكت أسفا واسترجعت ثمّ آذنت |
|
ركائبها أن لا إلينا رجوعها |
وقوله :
لا أنت شائية من شأننا شاني
وذلك عند الجمهور ضرورة.
انظر المقتضب : ٤ / ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، الكتاب : ٢ / ٢٩٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢٣٧ ، جواهر الأدب : ٢٩١ ، شرح الرضي : ١ / ٢٥٨ ، الهمع : ٢ / ٢٠٧ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٢٦٩ ، حاشية الصبان : ٢ / ٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٦٠٢ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٧٢.
(٢) في الأصل : بالمفرد. انظر الألفية : ٥١.
(٣) نحو «لا غلام سفر حاضر» ، و «لا طالبا علما ممقوت». وجوز البغداديون في الشبيه بالمضاف ترك تنوينه حملا له في هذا على المضاف ، كما حمل عليه في الإعراب.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٤٠ ، حاشية الصبان : ٢ / ٦.