فتقول في حذف الأوّل : «أعلمت الخبر ، وأريت الهلال» ، كما تقول : «كسوت ثوبا» ، وفي حذف الثّاني : «أعلمت زيدا ، وأريت (١) زيدا» ، كما تقول «كسوت زيدا» وفي حذفهما معا : «أعلمت ، وأريت» ، كما تقول : «كسوت».
ويمتنع فيه ما جاز في مفعولي «علمت» المتعدّية لاثنين (٢) من إلغاء وتعليق.
قيل : وفيه نظر في موضعين :
أحدهما : أنّ «علم» بمعنى «عرف» إنّما (حفظ) (٣) نقلها لاثنين بالتّضعيف لا بالهمزة ، نحو ((وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) [البقرة : ٣١].
والموضع الثّاني : أنّ «أرى» البصريّة سمع تعليقها بالاستفهام عن المفعول الثّاني نحو) (٤)(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [البقرة : ٢٦٠].
وقد يجاب عن الأوّل : بالتزام جواز نقل المتعدّي لواحد بالهمزة قياسا ، نحو «ألبست زيدا جبّة» قياسا على «كسوته جبّة».
وعن الثّاني : بادّعاء أنّ الرّؤية هنا علميّة لا بصريّة ، كما قال الحوفيّ (٥) في (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) [الفرقان : ٤٥] : الرّؤية رؤية القلب في هذا ، ومخرجها مخرج رؤية العين ، ويجوز في مثل هذا مع الرؤية ، ولا يجوز مع العلم. انتهى (٦).
وفهم من تشبيهه بباب «كسا» : أنّ المفعول الأوّل (والثّاني) (٧) أيضا ، كالأوّل من باب «كسا» ، فلا / وجه لتخصيصه المفعول الثّاني بالذّكر ، فالضّمير في «تعدّيا» عائد على «علم» العرفانيّة ، و «رأى» البصريّة.
__________________
(١) في الأصل : ورأيت.
(٢) في الأصل : للاثنين. انظر شرح المكودي : ١ / ١٢١.
(٣ ـ ٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر التصريح : ١ / ٢٦٧.
(٥) هو علي بن إبراهيم بن سعيد بن يوسف الحوفي المصري ، أبو الحسن ، نحوي ، من علماء اللغة والتفسير ، وهو من أهل الحوف بمصر ، اشتغل عليه خلق كثير وانتفعوا ، وتوفي في مستهل ذي الحجة ٤٣٠ ه ، من مؤلفاته : البرهان في تفسير القرآن ، الموضح في النحو ، إعراب القرآن ، مختصر كتاب العين ، وغيرها.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٢٥ ، معجم الأدباء : ١٢ / ٢٢١ ، إنباه الرواة : ٢ / ٢١٩ ، معجم المؤلفين : ٧ / ٥ ، الأعلام : ٤ / ٢٥٠ ، البداية والنهاية : ١٢ / ٤٧ ، هدية العارفين : ١ / ٦٨٧.
(٦) قال في التصريح : ذكره في سورة النساء. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٦٧.
(٧) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٢١.