وقال في المغني : إنّ جملة الاشتغال ليست من الجمل التي تسمّى في الاصطلاح : جملة تفسيرية ، وإن حصل بها تفسير (١). انتهى.
فمثال المشتغل بالضّمير عن نصب لفظه : «زيدا ضربته» ، ومثال المشتغل عن نصب محلّه : «عمرا مررت به» (٢).
وفهم من قوله : «موافق» مطلق الموافقة ، فشمل الموافق في اللّفظ والمعنى ، كالمثال الأوّل ، والموافق في المعنى دون اللّفظ ، كالمثال الثّاني ، والتّقدير : ضربت زيدا ضربته ، وجاوزت عمرا مررت به ، وهذا التقدير لا ينطق به ، لأنّ الفعل الثّاني عوض عنه ، فلا يجمع بينهما.
ويشترط في المفسّر : أن لا يفصل بينه وبين الاسم / السّابق ، فلو قلت : «زيدا أنت ضربته» لم يجز النّصب للفصل بـ «أنت» ، والأصل في الاسم السّابق الرّفع ، وهو الرّاجح لسلامته من التّقدير.
وزعم الكسائيّ أنّ نصب الاسم المتقدّم بالفعل المتأخّر ، وألغي (٣) الضّمير (٤).
وزعم تلميذه الفراء : أنّهما منصوبان بالفعل المذكور (٥).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والنّصب حتم إن تلا السّابق ما |
|
يختصّ بالفعل كإن وحيثما |
__________________
(١) انظر مغني اللبيب : ٥٢٦ ، أوضح المسالك : ٩١ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢٩٧.
(٢) انظر شرح المكودي : ١ / ١٣٥. قال ابن حمدون في حاشيته على المكودي (١ / ١٣٥) : «وقوله : «عمرا مررت به» هذا لا يلائم تقديره وإعرابه مع اختياره ، وإنما يلائم الاحتمال الثاني الآتي في إعرابه ، والصواب أن يمثل بنحو «هذا ضربته». انتهى.
(٣) في الأصل : والمعنى. انظر التصريح : ١ / ٢٩٧.
(٤) ورد بأن الأسماء لا تلغى بعد اتصالها بالعوامل ، وبأن الضمير قد لا يتعدى إليه الفعل إلا بالحرف ، فكيف يلغى مع وجود الحرف المعدى ، وأيضا لا يمكن الإلغاء في السببي لأنه مطلوب الفعل في الحقيقة كـ «زيدا ضربت غلام رجل يحبه».
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٩٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٧٤ ، حاشية الخضري : ١ / ١٧٤.
(٥) وهذا مذهب الكوفيين ونسب للكسائي والفراء في شرح الرضي. ورد بأنه لا يعمل عامل واحد في ضمير اسم ومظهره ، وبأنه يلزم كون المتعدي لواحد متعديا لاثنين ، وهو خرم للقاعدة.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٩٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ، حاشية الخضري : ١ / ١٧٤ ، الإنصاف (مسألة : ١٢) : ١ / ٨٢ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٣٠ ـ ٣١ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٦٨٧ ، شرح الرضي : ١ / ١٦٣.